وجب أن يكون مفسّر العامل بحيث لو لا اشتغاله بضمير المعمول لكان هو العامل ، لوجب اطراده في تفسير عامل الرفع في نحو : (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ)(١) ، إذ لا فارق ، فكان يجب ألّا يتأخر المفسّر عن المرفوع ، إذ لا يعمل الفعل الرفع فيما قبله (٢).
قيل : إن الأصل في المفسّر أن يصلح للعمل في معمول المفسّر ، كما ذكرنا فان لم يصلح وكان له محمل غير التفسير حمل عليه ، وإن لم يكن له محمل آخر ، اضطر إلى جعله مفسّرا مع امتناع كونه عاملا ، ففي نحو : زيد هل ضربته ، وهلّا ضربته ، للفعل محمل آخر غير التفسير وهو كونه خبر المبتدأ فحملناه عليه ، لما لم يصلح للعمل في زيد ؛ فأما في نحو : (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ) ، و : لو ذات سوار لطمتني ، فلم يكن للفعل محمل آخر ، إذ لو جعلناه خبر المبتدأ لكان حرف الشرط داخلا على الاسمية ، ولا يجوز ؛ فعلى ما تقرر ، لا يحمل الفعل على التفسير في زيد قام ، لمّا لم يضطر إليه ، وكذا في : أزيد قام ، بل نقول هو ، مبتدأ لا فاعل فعل مقدر ، وإن كانت الهمزة بالفعل أولى ، لأنا لم نضطر إلى جعل الفعل مفسّرا ، إذ الهمزة تدخل على الاسمية أيضا ، وهذا مذهب سيبويه والجرمى.
واختار الأخفش في نحو : أزيد قام ، أن يرفع زيد بفعل مقدر مفسّر بالظاهر نظرا إلى همزة الاستفهام.
ومن ثمّ قال سيبويه في نحو : أأنت زيد ضربته : إن رفع زيد أولى ، لأن «أنت» مبتدأ لا فاعل على ما قدمناه فبقي خبر المبتدأ وهو : زيد ضربته ، بلا همزة استفهام فرفعه أولى من نصبه لما سنبيّن في شرح قوله : عند عدم قرينة خلافه (٣).
وأما إذا كان الفاصل بين همزة الاستفهام والاسم المحدود (٤) ، ظرفا نحو : اليوم
__________________
(١) الآية ١٧٦ من سورة النساء ، وتقدمت أكثر من مرة.
(٢) انظر الهامش (١) من صحيفة ٢٠٨ من هذا الجزء.
(٣) في مواضع ترجيح الرفع. وستأتي قريبا.
(٤) أي المشتغل عنه.