وإنما الحق في الرويّ المقيد تشبيها له بالمطلق.
وإنما اختص كون الشيء مسندا إليه بالاسم ، لأن المسند إليه مخبر عنه ، إمّا في الحال أو في الأصل ، كما ذكرنا ، ولا يخبر إلا عن لفظ دال على ذات في نفسه مطابقة ، والفعل لا يدل على الذات إلا ضمنا والحرف لا يدل على معنى في نفسه ؛ ولهذه العلة : اختص التثنية والجمع والتأنيث والتصغير والنسبة والنداء بالاسم ، وأما نحو : ضربت وضربا وضربوا ، فالتأنيث والتثنية والجمع فيه راجع إلى الاسم ، وكذا التصغير في نحو قوله :
٦ ـ ياما أميلح غزلانا شدن لنا |
|
من هؤليّاء بين الضال والسّمر (١) |
راجع إلى المفعول المتعجب منه ، أي : هن مليّحات والتصغير للشفقة نحو : يا بنيّ ، فهو شيء موضوع غير موضعه ، كما أن التأنيث في ضربت في غير موضعه.
وأما نحو قوله تعالى : (رَبِّ ارْجِعُونِ)(٢) على تأويل ارجعني. ارجعني. وقول الحجاج (٣) يا حرسيّ اضربا عنقه (٤) ، أي : اضرب ، اضرب ، فليس الأول بجمع والثاني بتثنية ، إذ التثنية ضم مفرد إلى مثله في اللفظ غيره في المعنى ، والجمع ضم مفرد إلى مثليه أو أكثر في اللفظ غيره في المعنى ، و : ارجعون ، و : اضربا ، بمعنى التكرير كما ذكرنا ، والتكرير ضم الشيء إلى مثله في اللفظ مع كونه إياه في المعنى للتأكيد والتقرير
والغالب فيما يفيد التأكيد أن يذكر بلفظين فصاعدا ، لكنهم اختصروا في بعض المواضع باجرائه مجرى المثنى والمجموع لمشابهته لهما من حيث إن التأكيد اللفظي ، أيضا ، ضم شيء
__________________
(١) أحد أبيات غزلية أولها :
صوراء لو نظرت يوما إلى حجر |
|
لأثرت سقما في ذلك الحجر |
وهي أبيات مختلف في نسبتها فقيل انها للفرجى ونسبت لذي الرمة ولمجنون بني عامر ، وغيرهم. والاستشهاد به على تصغير فعل التعجب وقد وجهه الشارح كما أن فيه شاهدا آخر على تصغير اسم الإشارة شذوذا.
(٢) الآية ٩٩ من سورة : المؤمنون.
(٣) الحجاج بن يوسف بن أبي عقيل الثقفي. والى العراق من قبل عبد الملك بن مروان ، اشتهر بالقوة في حكمه حتى ضرب به المثل في ذلك.
(٤) الشاهد فيه أن الكلام موجّه إلى شخص واحد وهو الحرسيّ أي واحد الحرس وهم الجند الذين حول السلطان ، فقوله : اضربا بصيغة التثنية يراد منها تكرير الفعل لا تكرير الفاعل.