الخفيفة. إلا أنّ الذي يذكر هنا إبدالها من الهمزة والنون ، لأنّ إبدالها من الياء والواو من باب القلب.
فأبدلت من الهمزة ، باطّراد ، إذا كانت ساكنة وقبلها فتحة ، نحو : «رأس» و «كأس» ، تقول فيهما ، إذا خفّفتهما : «كاس» و «راس». إلّا أنّه إذا كان الحرف المفتوح الذي تليه الهمزة الساكنة همزة التزم قلب الهمزة الساكنة ألفا ، نحو : «آدم» و «آمن» ، أصلهما «أأدم» و «أأمن» ، إلّا أنه لا ينطق بالأصل ، استثقالا للهمزتين في كلمة واحدة.
وأبدلت ، على غير قياس ، من الهمزة المفتوحة المفتوح ما قبلها. وإنّما يحفظ حفظا ، نحو قوله :
إذا ملا بطنه ألبانها حلبا |
|
باتت تغنيه وضرى ذات أجراس (١) |
يريد «ملأ» فأبدل من الهمزة ألفا. ومن أبيات الكتاب :
راحت بمسلمة البغال عشيّة |
|
فارعي ، فزارة ، لا هناك المرتع (٢) |
يريد «لا هنأك» فأبدل الهمزة ألفا. ومن أبيات الكتاب أيضا :
سالت هذيل رسول الله فاحشة |
|
ضلّت هذيل بما قالت ، ولم تصب (٣) |
يريد «سألت» فأبدل.
وأبدلت أيضا من الهمزة المفتوحة الساكن ما قبلها ، إذا كان الساكن ممّا يمكن نقل الحركة إليه ، نحو «المراة» في «المرأة» ، و «الكماة» في «الكمأة». وذلك أنّهم نقلوا الفتحة إلى الساكن قبلها ، ولم يحذفوا الهمزة ، بل أبقوها ساكنة ، فجاءت ساكنة بعد فتحة ، فقلبت ألفا.
وأبدلت من النون الخفيفة ، في ثلاثة مواضع :
أحدها : في الوقف على المنصوب المنوّن غير المقصور ، نحو : «رأيت زيدا» و «أكرمت عمرا». وقد بيّن في الوقف لم كان ذلك ، وأنّهم قصدوا بذلك التّفرقة بين النون الزائدة على الاسم بعد كماله ، والنون التي هي من كمال الاسم.
فإن كان الاسم مقصورا ، فإنّك تقف عليه بالألف ، نحو : «عصا» و «رحى» ، لكن اختلفوا في الألف.
فمنهم من ذهب إلى أنّها بدل من التنوين ، في الرفع والنصب والخفض ، وهو مذهب المازنيّ. وحجّته أنّ الذي منع أن يبدل من التنوين في الرفع والخفض إنّما هو الاستثقال ، لأنّه إنما ينبغي أن تبدل من
__________________
(١) الوضرى : المرأة الوسخة. والبيت بلا نسبة في تاج العروس (وضر) ، ولسان العرب (وضر).
(٢) البيت للفرزدق في ديوانه ص ٥٠٨.
(١) البيت لحسّان بن ثابت في ديوانه ص ٣٤.