وهذا الذي ذهب إليه فاسد لأنه مبنيّ على أنّ هذه البنية لم تلحقها زيادة للإلحاق في موضع وقد وجد هذا الذي أنكر ، قالوا «جرو نخورش» أي : إذا كبر خرش ؛ ألا ترى أنّ الواو زائدة ، وأنّ الاسم ملحق بـ «جحمرش». فإذا تقرر أنّ البنية قد لحقتها الزوائد للإلحاق وجب القضاء على إدغام «همّرش» بأنه من قبيل إدغام المثلين.
فإذا كان الإدغام من جنس إدغام المتقاربين فالذي ينبغي أن يحكم به على الحرفين المتقاربين الأصالة إلّا أن يقوم دليل من الأدلّة المتقدّمة على الزيادة.
وإذا كان الإدغام من جنس إدغام المثلين فلا يخلو من أن يكون اللفظ من ذوات الثلاثة أو من ذوات الأربعة ، أو من ذوات الخمسة.
فإن كان من ذوات الثلاثة ، قضي على المثلين بالأصالة ، إذ لا بد من الفاء والعين واللام ، نحو : «ردّ» و «فرّ».
وإن كان من ذوات الأربعة فإنه لا يخلو أن يكون المضعّف بين الفاء واللّام نحو : «ضرّب» أو في الطرف بعد العين نحو : «قردد» (١) ، أو غير ذلك. فإن كان المضاعف على ما ذكرنا كان أحد المثلين زائدا وذلك أنّ كلّ ما له اشتقاق من ذلك يوجد أحد المثلين منه زائدا نحو : «ضرّب» فإنه من الضّرب ، و «قعدد» (٢) فإنه من القعود فحمل ما ليس له اشتقاق نحو : «سلّم» و «قنّب» على أنّ أحد المثلين منه زائد.
وإن لم يكن المضعّف على ما ذكر كان كل واحد منهما أصلا ، وذلك نحو «صلصل» (٣) ، و «فرفخ» (٤) ، و «قربق» (٥) ، و «ديدبون» (٦) ، و «شعلّع» (٧). والذي أوجب ذلك أنّه لم يثبت زيادة أحد المثلين في مثل ما ذكر باشتقاق أو تصريف في موضع من المواضع فيحمل ما ليس فيه اشتقاق على الزيادة بل الواجب أن يعتقد في المثلين الأصالة إذ الزيادة لا تعتقد إلا بدليل.
وأيضا فإنك لو جعلت أحد المثلين في جميع ذلك زائدا لكان وزن «فرفخ» : «فعفلا» ووزن «قربق» : «فعلفا» ووزن «ديدبون» : «فيفعولا» ووزن «شعلّع» : «فعلّعا» وهي أبنية لم تثبت في كلامهم. وإذا جعلت المثلين أصلين كان وزن «فرفخ» : «فعللا» ووزن «قربق» : «فعللا» ووزن «ديدبون» : «فيعلولا» ووزن «شعلّع» : «فعلّلا» وهي أبنية موجودة في كلامهم. وما يؤدّي إلى مثال موجود أولى.
__________________
(١) القردد : الوجه.
(٢) القعدد : القاعد عن المكارم ، والجبان.
(٣) الصلصل : ناصية الفرس.
(٤) الفرفخ : البقلة الحمقاء.
(٥) القربق : الحانوت.
(٦) الديدبون : اللهو واللعب.
(٧) الشعلّع : الطويل.