مجرى حرف من الأصل ، فضمّها كما يضمّ آخر المنادى. ولو كانت الهاء بدلا من الواو لم يكن للكسر والفتح وجه ، ولوجب الضمّ كسائر المناديات.
وأبدلت من تاء التأنيث في الاسم ، في حال الإفراد في الوقف ، نحو «طلحه» و «فاطمه». وحكى قطرب عن طيّىء أنّهم يفعلون ذلك بالتاء من جمع المؤنث السالم ، فيقولون : «كيف الإخوة والخواه ، وكيف البنون والبناه؟ (١).
إبدال الهمزة
أبدلت الهمزة من خمسة أحرف. وهي الألف ، والياء ، والواو ، والهاء ، والعين
١ ـ إبدال الهمزة من الألفأبدلت الهمزة من الألف على غير قياس ، إذا كان بعدها ساكن ، فرارا من اجتماع الساكنين ، نحو ما حكي عن أيوب السّختيانيّ ، من أنّه قرأ (وَلَا الضَّالِّينَ)(٢). فهمز الألف ، وحرّكها بالفتح ، لأنّ الفتح أخفّ الحركات ، ونحو ما حكى أبو زيد في كتاب الهمز من قولهم : «شأبّة» و «دأبّة». وأنشدت الكافّة (٣) :
يا عجبا ، لقد رأيت عجبا |
|
حمار قبّان ، يسوق أرنبا |
خاطمها زأمّها ، أن تذهبا |
أراد «زامّها» فأبدل. وحكى المبرّد عن المازنيّ ، عن أبي زيد ، قال : سمعت عمرو ابن عبيد يقرأ فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جأن (٤) ، فظننت أنّه قد لحن ، حتى سمعت العرب تقول «دأبّة» و «شأبّة». ومن ذلك قول الشاعر :
وبعد انتهاض الشّيب من كل جانب |
|
على لمّتي ، حتى اشعألّ بهيمها (٥) |
يريد «اشعالّ» من قوله تعالى : (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً)(٦). وقال دكين :
راكدة مخلاته ، ومحلبه |
|
وجلّه ، حتى ابيأضّ ملببه (٧) |
يريد «ابياضّ». وقال كثّير (٨) :
وللأرض : أمّا سودها فتجلّلت |
|
بياضا ، وأمّا بيضها فادهأمّت |
يريد «فادهامّت».
وقد كاد يتسع هذا عندهم ، إلّا أنّه مع ذلك لم يكثر كثرة توجب القياس. قال أبو العباس : قلت لأبي عثمان : أتقيس هذا النحو؟ قال : «لا ، ولا أقبله». بل ينقاس ذلك عندي ، في ضرورة الشعر. ومن هذا
__________________
(١) عن الممتع في التصريف ص ٣٩٧ ـ ٤٠٢.
(٢) الفاتحة : ٧
(٣) الرجز بلا نسبة في الخصائص ٣ / ١٤٨ ؛ والمنصف ١ / ٢٨١ ؛ وهو ممّا تحكيه العرب على ألسنة البهائم.
(٤) الرحمن : ٣٩.
(٥) البيت بلا نسبة في سر صناعة الإعراب ١ / ٨٣ ؛ وشرح شواهد الشافية ص ١٦٩.
(٦) مريم : ٤
(٧) الملبب : موضع اللّبة ، أي القلادة. والأصل الملبّ بالإدغام. يصف إكرامه لفرسه.
(٨) ديوانه ص ٣٢٣.