القاف على الواو ، لأنّ الحركة في التقدير بعد الحرف ، فهمزت الواو ، كما تهمز إذا انضمّت. ونظير ذلك قوله (١) :
أحبّ المؤقدين إليّ موسى |
|
وجعدة ، إذ أضاءهما الوقود |
فهمز واو «موقد» ، لأنه قدّر ضمّة الميم على الواو.
وأما «مؤق» فظاهره أنه «فعل» إلّا أنّ ذلك بناء غير موجود في أبنية كلامهم ، فإن أمكن صرفه إلى ما وجد من كلامهم كان أولى. فأما أبو الفتح فزعم أنه «فعلي» في الأصل ، ثم خفف ، كما قالوا : «تسمع بالمعدي خير من أن تراه» (٢) فخفّفوا ، والأصل «المعيدي». وتكون الياءان للنسب على حدهما في «كرسيّ». ويكون هذا مما رفض أصله ، لأنه لم يسمع مثقّلا قطّ.
وهذا الذي ذهب إليه أبو الفتح ضعيف ، عندي ، لأنّ «كرسيّا» و «بختيّا» (٣) بنيا على ياءي النّسب ، ولم يستعملا دونهما. فلا يقال «كرس» ولا «بخت». فلذلك كسر الاسم عليهما ، فقالوا : «كراسيّ» ، و «بخاتيّ». وأما «مؤق» فإنه يستعمل دون ياء. وكل ما تلحقه ياء النسب ، ولا تلزمانه ، لا يكسّر عليهما ؛ ألا تراهما يقولون : «أحمريّ» ، و «حمر» ، و «فارسي» ، و «فرس». فلو كان «مؤق» على ما زعم أبو الفتح لم يقل في تكسيره «مآق» ؛ بل : «أمآق» ، كـ «قفل» و «أقفال». فإذا بطل هذا فينبغي أن يكون وزنه «مفعلا» ، فيلحق بفصل ما لحقته زيادة واحدة من أوله من الثلاثيّ. وقد تقدّم ذكره هنالك.
فإن قلت : فقد ثبتت أصالة الميم ، بدليل قولهم «مأق» في معناه! فالجواب أنه يكون مما اتّفق معناه ، وتقارب لفظه ، كـ «سبط» و «سبطر».
وكذلك «مأق» عند أبي الفتح هو «مأقيّ» في الأصل ، ثم خفف ، والياءان للنسب ، وهو عندي باطل ، بدليل قولهم : «مآق» ، فكسر الاسم على الياء. فالذي يجب أن يحمل عليه عندي ما ذهب إليه الفراء ، من أنه «مفعل» مما لامه ياء ، وشذّوا فيه ، لأنّ «المفعل» من المعتّل اللام مفتوح العين.
ونظيره في الشذوذ «مأوي الإبل» والفصيح : «مأوى». قال الله تعالى (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى)(٤). وتكون الميم زائدة ، كما تكون في «مؤق». ويكون «مأق» و «مأق» من باب «سبط وسبطر» كما قدّمنا.
__________________
(١) البيت لجرير في ديوانه ص ١٧٠.
(٢) هذا من أمثال العرب ، وقد ورد في أمثال العرب ص ٥٥ ، وتمثال الأمثال ١ / ٣٩٥ ؛ وجمهرة الأمثال ١ / ٢٦٦ ؛ وفصل المقال ص ١٣٥ ؛ ومجمع الأمثال ١ / ١٢٩ (راجع : موسوعة أمثال العرب للدكتور اميل بديع يعقوب).
(٣) البختي : واحدة البخاتي ، وهي الإبل الخراسانية.
(٤) النازعات : ٤١.