دخول المستثنى فيه ، ولا أن يكون بعضا معيّنا يدخل فيه المستثنى قطعا لعدم قيام قرينة ، في الأغلب ، على مثل ذلك البعض ، فلم يبق إلا جميع الجنس ، ليتحقق دخول المستثنى فيه ، وتقدير جميع الجنس جائز في غير الموجب ، نحو : ما قام إلا زيد ، لأن اشتراك جميع أفراد الجنس في انتفاء وقوع الفعل منها ، أو عليها ، ومخالفة واحد إياها في ذلك ، مما يكثر ويغلب ، وأمّا اشتراكها في وقوع الفعل منها أو عليها ومخالفة واحد إياها في ذلك ، فممّا يقلّ نحو : كل حيوان يحرك فكّه الأسفل في الأكل إلا التمساح ، ويعلم الله تعالى الّا قدم العالم أو حدوث ذاته ، ويستطيع تعالى إلا المستحيلات ، وقرأت إلا يوم كذا ، وضربته إلا بالسوط ، قال تعالى : (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ)(١) ؛
ويمكن أن يقوم في بعض المواضع على بعض معيّن من الجنس معلوم دخول المستثنى فيه ، دليل (٢) ، كما إذا قيل لك : ما لقيت صنّاع البلد ، فتقول : لقيت إلّا فلانا ؛ لكن الأغلب ، عدم التفريغ في الموجب ، ويجوز التفريغ في موجب مؤوّل بالنفي ، كما في قوله تعالى : (فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا)(٣) ،
فإذا تقرر هذا قلنا : إن المستثنى منه لمّا حذف لقيام القرينة ، والمنسوب إليه كان هو المستثنى منه ، مع المستثنى وآلة الاستثناء (٤) وكان المستثنى منه ، كما تقدم ، أولى بأن يعرب بما يقتضيه العامل ، لكونه جزءا أوّل ، صار المستثنى متعّينا لقبول ما اقتضاه العامل من الاعراب ، إذ لم يبق من أجزاء المنسوب إليه القابلة للإعراب غيره ؛
فعلى هذا ، سقط الاعتراض بأنه كيف يسند الفعل المنفي في : ما قام إلا زيد ، إلى الفاعل المراد وقوع الفعل منه؟ ؛ لأنه ليس تمام المسند إليه في الحقيقة ، في نحو : ما قام إلا زيد ، كما لم يكن القوم ، تمام المسند إليه في : ما قام القوم إلا زيدا ، بل كل واحد
__________________
(١) الآية ١٦ سورة الأنفال
(٢) فاعل يقوم في قوله ويمكن أن يقوم.
(٣) الآية ٨٩ سورة الإسراء
(٤) إشارة إلى ما اختاره في أول باب المستثنى عند حل الإشكال الوارد على معنى الاستثناء ،