وإن لم يمكن (١) استثناء تال من متلّوه ، فإن كان في العدد ، نحو له عليّ عشرة إلا ثلاثة إلا أربعة (٢) ، فمذهب الفراء ههنا ، أيضا ، أن الوتر أي الثلاثة (٣) منفي خارج ، والشفع أي الأربعة ، موجب داخل ، فيكون معنى عشرة إلا ثلاثة : سبعة بإخراج ثلاثة من عشرة ، وقولك بعد ذلك إلا أربعة ، تدخل به الأربعة ، وتزيدها على السبعة فتكون أحد عشر ؛
وفيه نظر ، لأن الاستثناء بعد المنفي إنما يكون موجبا إذا كان من ذلك المنفي ، وقولك إلا أربعة ، لا يمكن أن يكون من الثلاثة ، فهو إمّا من العشرة ، كما أن : إلا ثلاثة منها ، أو من السبعة الباقية بعد الاستثناء الأوّل ، وكلتاهما مثبتتان (٤) ، فتكون الأربعة على التقديرين منفية ، فيكون الإقرار بثلاثة على الوجهين ؛
ومذهب غيره أن الاستثناءين من المستثنى الأول ، فيكون الإقرار بثلاثة ، كما بيّنّا ؛ وإن كان المستثنى الأول أكثر من المستثنى منه ، أو مساويا له ، بطل الاستثناء قولا واحدا ، نحو : له عليّ خمسة إلا ستة ، وكذا إذا قلت : له عليّ عشرة ، إلا خمسة إلا ستة ، فالاستثناء الثاني لغو عند غير الفراء ، لأنه لا يمكن استثناء الخمسة والستة من العشرة ، وعند الفراء ، لا يلغو (٥) ، ويلزمه أحد عشر ؛
وإن كان في غير العدد ، فإمّا أن يكون المستثنى منه واحدا ، أو ، لا ؛ فإن كان واحدا ، ولم يكن الاستثناء مفرّعا ، فإن تقدّمت المكرّرات على المستثنى منه ، فالجميع منصوب على الاستثناء ، نحو : ما جاءني إلا زيدا ، إلا عمرا ، إلا خالدا أحد ، إذ لا يمكن إبدال أحدها من المستثنى منه ؛
__________________
(١) مقابل قوله في التكرار لغير التأكيد : فإن أمكن .. الخ ؛
(٢) المقصود في المثال أن الأربعة لا يمكن دخولها في الثلاثة ،
(٣) واضح أن المراد من الوتر هنا : اللفظ الواقع في مرتبة الوتر سواء كان مثل الثلاثة والخمسة أو مثل الأربعة والستة ، وأن الشفع هو اللفظ في المرتبة الزوجية بالنسبة لكلام المتكلم ؛
(٤) يجوز في خبر كلا وكلتا مراعاة اللفظ ومراعاة المعنى ، فيفرد أو يثنى ؛ والرضي يستعمل الوجهين ؛
(٥) أي لا يعتبر لغوا ،