٢٢٦ ـ أقول لما جاءني فخره |
|
سبحان من علقمة الفاخر (١) |
إنّ ترك تنوينه لا يدلّ على علميّته ، لأنه لأجل إبقائه على صورة المضاف لمّا غلب استعماله مضافا ، كما يجيئ في بيان «سوى» ويجوز أن نقول ان «حاشا» الجارة حرف ، وهي في نحو : حاشا لله ، اسم بني لمشابهته لفظا ومعنى لحاشا الحرقية ؛
واستدل المبرد على فعليته بتصريفه ، نحو : حاشيت زيدا أحاشيه ، قال النابغة :
٢٢٧ ـ ولا أرى فاعلا في الناس يشبهه |
|
ولا أحاشي من الأقوام من أحد (٢) |
وليس بقاطع ، لأنه يجوز أن يكون مشتقا من لفظ «حاشا» حرفا أو اسما ، كقولهم : لو ليت أي قلت لو لا ، ولا ليت ، أي قلت : لا ، لا ؛ وسبّحت ، أي قلت سبحان الله ، ولبّيت أي قلت لبّيك ، وهذا هو الظاهر ؛ لأن المشتق الذي هذا حاله ، بمعنى قول تلك اللفظة التي اشتق منها ، فالتسبيح : قول سبحان الله ، والتسليم : قول سلام عليك ، والبسملة : قول بسم الله ، وكذا غيره ؛ ومعنى حاشيت زيدا ، قلت : حاشا زيد ، واستدلاله على فعليته بالتصرف فيه ، والحذف نحو : (حاش الله)(٣) ليس بقويّ ، لأن الحرف الكثير الاستعمال قد يحذف منه ، نحو : سو أفعل ، في : سوف أفعل ؛
وكثر فيها : حاش ، وقلّ : حشا ، لأن الحذف في الأطراف أكثر ، وإذا استعمل «حاشا» في الاستثناء وفي غيره ، فمعناه تنزيه الاسم الذي بعده من سوء ذكر في غيره أو فيه ، فلا يستثنى به إلا في هذا المعنى ؛ وربّما أرادوا تنزيه شخص من سوء ، فيبتدئون بتنزيه الله سبحانه وتعالى من السوء ، ثم يبرّئون من أرادوا تبرئته ، على معنى أن الله تعالى
__________________
(١) من قصيدة الأعشى في تفضيل عامر بن الطفيل على علقمة بن علاثة ، الصحابي ، وروي أن النبي صلّى الله عليه وسلم نهى عن روايتها لما تضمنته من هجاء مقذع لعلقمة ، قال البغدادي بعد أن روى الحديث وأورد أبياتا من القصيدة : ولهذا لم أذكرها كلها ،
(٢) من قصيدته التي تعد إحدى المعلقات ، والتي أولها :
يا دارمية بالعلياء فالسند |
|
أقوت وطال عليها سالف الأمد |
والمقصود من قوله يشبهه : النعمان بن المنذر ، وهو يعتذر إليه في هذه القصيدة ؛
(٣) الآية السابقة من سورة يوسف وستأتي