كانت الصفة أقوى شبها بالفعل ، كانت أولى بعملها عمل الفعل ، فكان تقدير الانفصال (١) فيها ، أظهر ، فمن ثمّ كانت إضافتها إلى معمولها لفظية ، وإضافة المصدر إلى معموله محضة ، فيختص المصدر ، أو يتعرف ، بنسبته إلى فاعله أو مفعوله ، لاشتهاره به ، كاختصاص الغلام برجل ، وتعرفه بزيد ؛
فإن قلت : فمقتضى ما ذكرت ، أن يكون عمل الصفة عمل الفعل ، أولى من عمل المصدر عمله ، والأمر بالعكس وذلك أن المصدر في عمله لا يحتاج إلى شرط ، بخلاف الصفة ، فإنها تحتاج إلى الاعتماد ، واسم الفاعل واسم المفعول محتاجان إلى كونهما بمعنى المضارع ، مع الاعتماد ، كما سيأتي في أبوابها ؛
قلت : إن الأمر كذلك ؛ إلّا أن المصدر أطلب (٢) لما هو فاعل له ، ومفعول من الصفة ، لأنه يطلبهما لكونهما من ضروريّاته عقلا ، لا وضعا ، فبعد حصولهما له ، يكفيه للعمل فيهما أدنى مشابهة للفعل ؛ واسما الفاعل والمفعول ، يطلبانهما لتضمنهما معنى المصدر الطالب لهما ، فبعد حصولهما ، لهما ، يحتاجان إلى مشابهة قوية مع الفعل ، وشروط ، حتى يعملا عمل الفعل ؛
فالمحصول (٣) ؛ أن طلب المصدر للفاعل والمفعول قوي لكونه لذاته ، وعمله فيهما ضعيف ، لكونه لمشابهة ضعيفة مع الفعل لفظا ومعنى ، فلهذا كان المصدر المضاف إلى أحدهما أكثر استعمالا من المصدر المعمل فيهما ، وطلب الصفة (٤) ، للفاعل والمفعول ، ضعيف ، لكونه بتضمن المصدر ، وعملها فيهما قويّ ، لكونه لمشابهة قوية مع الفعل لفظا ومعنى ، فلهذا ، إذا جررت في اللفظ فاعلها فلا بدّ من تقدير ضمير فيها قائم مقام الفاعل ،
__________________
(١) الذي هو معنى الإضافة اللفظية.
(٢) أي أشد طلبا منهما ،
(٣) هذا تلخيص للكلام السابق : أي الذي يمكن تحصيله من الكلام السابق ، ويعبّر عنه المؤلفون بقولهم :
والحاصل كذا ،
(٤) المراد ما يشمل اسم الفاعل واسم المفعول ،