وفي غيره أيضا ، عند الكوفيين ، كما في قوله :
٢٨٤ ـ لحافي لحاف الضيف والبرد برده |
|
ولم يلهني عنه غزال مقنع (١) |
والأولى أنه يقوم مقامه فيما لم يشترط فيه الضمير ، كما في البيت المذكور ، أما في الصلة أو الصفة إذا كانت جملة ، وغير ذلك مما يشترط فيه الضمير ، فلا ،
فلما جيء (٢) باللام مع قصد الإضافة ، نصبوا أوّلا ، ما قصدوا جعله مضافا إليه ، تشبيها بالمفعول ، فقيل : الحسن الوجه ، كما يقال الضارب الرجل ، لتصحّ الإضافة إليه ، لأنهم لو أضافوا إلى المرفوع ، لكان إضافة الوصف إلى موصوفه ، إذ الرافع من الصفات ، نعت للمرفوع ، بخلاف الناصب مع المنصوب ، ألا ترى أن في قولك : زيد ضارب غلامه عمرا : الضارب هو الغلام ، دون عمرو ، وهم يراعون في الإضافة اللفظية حال الإضافة المحضة ، فكما لا يجوز في المحضة إضافة الصفة إلى موصوفها على الأصح ، كما يجيء ، لم يجيزوا في اللفظية ، أيضا ، مثل ذلك ، لكونها فرعها ؛ فجعلوا المرفوع في صورة المنصوب ، حتى لا تكون كأنك أضفت الصفة إلى موصوفها ؛
فتبيّن من هذا التطويل (٣) ، أن المختار في : الحسن الوجه ، جرّ الوجه ، وأن نصبه تشبيه له بالمفعول في نحو : الضارب الرجل ، وأن التخفيف فيه حاصل بحذف الضمير واستتاره ؛
ثم نقول : كما شبّه : الحسن الوجه في النصب بالضارب الرجل ، مع أن حقه الرفع ،
__________________
(١) هذا أحد بيتين نقلهما البغدادي عن حماسة أبي تمام ، منسوبين لمسكين الدارمي ، ورواية الحماسة : والبيت بيته ، والبيت الثاني هو :
أحدّثه إنّ الحديث من القرى |
|
وتعلم نفسي أنه سوف يهجع |
وموضع الشاهد قوله : والبرد ، أي وبردي ، أو وبيتي بيته كما في رواية الحماسة ؛
(٢) مرتبط بقوله : وجيى باللام في المضاف إليه ، قبل قليل ، وما بينهما استطراد ،
(٣) جميل من الشارح المحقق : الرضي أن يعترف بأن هذا تطويل ، وهو كذلك حقا ؛ لكنه مفيد ؛