وهذه لغة حكاها الأخفش ، فالألف عين الكلمة ، فلا يبقى المعرب على حرف ؛
وأمّا إضافته إلى ياء المتكلم فهو فيها على لغتين : أشهرهما «فيّ» في الأحوال الثلاث ، وقياس أصله : فوي ، كغدي ، ثم : فاي ، لتحرك الواو وانفتاح ما قبلها ، إلّا أنه لمّا جرت العادة فيما أعرب بالحركات إذا أضيف إلى الياء أن يقتصر من جملة الحركات الثلاث على الكسر للتناسب ، وكانت العين ههنا ، كالحركة الإعرابية ، الواو كالضمة ، والياء كالكسرة ، والألف كالفتحة : ألزمت الياء في الأحوال الثلاث قبل ياء المتكلم مكان الكسرة ، وإن لم تكن الكسرة إعرابية ، تشبيها للكسرة التي ليست بإعراب ولا بناء ، عند المصنف ، أو الكسرة البنائية عند النحاة (١) ، بالكسرة الإعرابية لعروضها ؛ وذلك كما شبهت الضمة البنائية في : يا زيد ، بالإعرابية ، فجيء بدلها بالواو ، والألف في : يا زيدان ويا زيدون ؛ وكما شبهت الفتحة البنائية في : لا رجل ، بالإعرابية فجيء بدلها بالياء ، فقيل : لا رجلين ولا مسلمين ؛ كل ذلك للعروض ؛ فلما صارت الياء التي هي عين في : «فيّ» ، مشبهة بالإعرابية وما قبل الياء الإعرابية في الأسماء الستة مكسور ؛ كسرت الفاء في «فيّ» ؛
وقد يقال : فمي وفمه ، وفم زيد (٢) ، في جميع حالات الإضافة ، قال :
٣١٥ ـ كالحوت لا يرويه شيء يلقمه |
|
يصبح ظمآن وفي البحر فمه (٣) |
والأوّل أصح وأفصح ، لأن علة الحاجة إلى إبدال الواو ميما عند القطع عن الإضافة ، هي خوف سقوط العين للساكنين ، ولا ساكنين في حال الإضافة ، إذ لا تنوين في المضاف ، فالأولى ترك إبدالها ميما ؛
__________________
(١) يشير هنا إلى ما تقدم في أول الكتاب من أن الكسرة قبل ياء المتكلم للمناسبة وحركات الإعراب مقدرة ، وهو رأي المصنف وبعض النحويين فهي لا إعرابية ولا بنائية ، وأن بعض النحاة يرون أن المضاف إلى ياء المتكلم مبني والكسرة حركة بناء ،
(٢) هذه اللغة الثانية ، المقابلة لقوله : أشهرهما «فيّ» ،
(٣) من أرجوزة طويلة للعجاج في مدح أبي العباس السفاح أول خلفاء العباسيين ، وروايتها على طولها كانت سببا في حظوة الأصمعي عند هارون الرشيد ،