انتصاب أوّل المفعولين ، من جهة كونه أولهما وانتصاب الثاني من جهة كونه ثانيهما ، وانتصاب الأول (١) في : ضربت زيدا قائما ، من جهة كونه مفعولا به ، وانتصاب الثاني من جهة كونه حالا ؛ وكذا في : (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً) ، انتصاب الأول ، من جهة كونه مفعولا به والثاني من جهة كونه تمييزا ؛
وفيه نظر (٢) ، لأن ارتفاع المبتدأ والخبر من جهة واحدة ، وهي كونهما عمدتي الكلام ، كما تقرر في أول الكتاب ، وانتصاب الأسماء المذكورة من جهة واحدة ، وهي كونها فضلات ؛ وإن قلنا بتغير الجهات بسبب تغيّر اسم كل واحد من : الأول ، والثاني ، فلنا أن نقول : ارتفاع «زيد» في : جاءني زيد الظريف من جهة كونه فاعلا ، وارتفاع الظريف ، من جهة كونه صفته ، وكذا باقي التوابع ؛ ثم نقول : الأخبار المتعددة لمبتدأ ، نحو : (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ، ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ)(٣) الآية ، وكذا المسندات في نحو : علمت زيدا عالما عاقلا ظريفا ، وكذا الأحوال المتعددة نحو : (فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً)(٤) ، وكذلك المستثنى بعد المستثنى ، نحو : جاءني القوم إلا زيدا ، إلا عمرا ؛ لا تتغير أسماؤها ، ولا جهات إعرابها ، فينبغي أن تدخل في حدّ التوابع ؛
ولو قال : كل ثان أعرب بإعراب سابقه لأجله ، أي إعراب الثاني لأجل إعراب الأول ، لم يرد عليه ما ذكرنا ؛
وقوله : «كل ثان» فيه نظر أيضا ، لأن المطلوب في الحدّ ، بيان ماهيّة الشيء ، لا قصد حصر جميع مفرداته ؛ ويدخل في قوله «ثان» : النعت الثاني فما فوقه ، وكذا التأكيد المكرر ، وعطف النسق المكرر ، لأن كلّا منها : ثان للمتبوع كالنابع الأول ؛
وأمّا الكلام في عوامل التوابع ففيه تفصيل ؛
__________________
(١) المراد اللفظ الأول من الاسمين ، وكذا في بقية المثال وفي مثال التمييز ؛
(٢) تصدّى السيد الجرجاني لرد هذا النظر ، وناقش الرضي فيما قاله وذلك في تعليقاته التي بهامش المطبوعة التركية ،
(٣) الآيتان ١٤ ، ١٥ من سورة البروج ،
(٤) الآية ٢٢ من سورة الإسراء