وبعضها يستعمل مرة تابعا على التأكيد ، ومرة حالا ، وذلك من الثلاثة فما فوقها ، كما مرّ في باب الحال (١) ، نحو : جاءني القوم ثلاثتهم ، وجاءوني ثلاثتهم ؛ ولا يؤكد بثلاثة وأخواتها إلا بعد أن يعرف المخاطب كميّة العدد قبل ذكر لفظ التأكيد ، وإلّا لم يكن تأكيدا ، بخلاف الوصف في نحو : جاءني رجال ثلاثة ؛
فتبيّن بهذا أنك تقول في الوصف : واحد ، واثنان ، وجماعة لغير معيّن العدد ، وثلاثة وأربعة فصاعدا لمعيّن العدد ؛ وتقول في التأكيد أو الحال وهما بمعنى واحد ههنا : وحده ، وكلاهما ، وأجمعون وأخواته لغير معيّن العدد ، وثلاثتهم وأربعتهم فما فوق ذلك ، لمعيّن العدد ؛
فإذا قصدت الوصف ، لم يكن في هذه الألفاظ نظر إلى نسبة الفعل إلى متبوعاتها ، وإذا قصدت بها التأكيد أو الحال فلا بدّ من النظر إلى متبوعها أو صاحبها ؛
فعلمنا أنه لا فرق بين هذه الألفاظ : تواكيد ، وصفات ، إلّا بالنظر إلى شمول النسبة ، فلا تخرج هذه الألفاظ صفات عن حدّ التأكيد ، إلا بقوله : أو الشمول ، وإلّا ، فمعناها تأكيدا ، وصفة ، سواء ؛
قال المصنف : يدخل عطف البيان في قولنا : يقرر أمر المتبوع ، ويخرج بقولنا : في النسبة أو الشمول ؛
أقول : إن كان معنى التقرير ما ذكرت ، وهو تحقيق ما ثبت في اللفظ الأول ودلّ عليه ، فليس جميع ما هو عطف البيان مدلولا عليه بلفظ المتبوع ، نحو : جاءني العالم زيد ، والفاضل عمرو ، إذ لا دلالة للعالم على زيد ، بلي ، ربّما دلّ بعض متبوعاته عليه ، [لكن لا بعينه](٢) ، وذلك مع قلة الاشتراك نحو :
٣٤٨ ـ أقسم بالله أبو حفص عمر (٣)
__________________
(١) انظر في هذا الجزء ؛ ص ٢١ ،
(٢) جملة لكن لا بعينه زيادة جاءت في بعض النسخ وفي إثباتها توضيح للمعنى ،
(٣) سيأتي هذا الشاهد مشروحا موضحا في كلام الرضي في باب البدل ؛