ويجوز مجيء «كليهما» غير تأكيد ، إذا كان تابعا لما ليس بتأكيد كقوله تعالى : (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما)(١) ، فإنه عطف على «أحدهما» وليس لفظ «أحدهما» تأكيدا ، والمعطوف في حكم المعطوف عليه ، وفي قراءة (٢) : «إمّا يبلغان» ، هو بدل ، لأنه معطوف على البدل ؛
وقد يحذف المؤكّد ، وأكثر ذلك في الصلة كقولك : جاءني الذي ضربت نفسه ، أي : ضربته نفسه ، وبعدها الصفة نحو : جاءني قوم ضربت كلهم ، أجمعين ، وبعدها خبر المبتدأ نحو : القبيلة أعطيت كلّهم أجمعين ، وذلك لما عرفت في باب المبتدأ من كون حذف الضمير من الصلة ، أولى منه في الصفة ، وكونه في الصفة أولى منه في خبر المبتدأ (٣) ، وبعضهم منع من حذف المؤكّد ، لأن الحذف للاختصار والتأكيد للتطويل ، فتنافيا ؛
وقال هشام (٤) : إذا عطفت على شيء لم تحتج إلى تأكيده ، ولعلّه نظر إلى أن العطف عليه دال على أنك لم تغلط فيه ؛ والأولى الجواز ، نحو : ضرب زيد زيد وعمرو ، لأنك ربّما تجوّزت (٥) في نسبة الضرب إلى زيد ، أو ربّما غلطت في ذكر زيد وأردت : ضرب بكر ، وعطفت بناء على أن المذكور بكر ؛
[تأكيد الضمير]
[المتصل المرفوع]
[قال ابن الحاجب :]
«وإذا أكّد المضمر المرفوع المتصل بالنفس والعين أكّد بمنفصل»
__________________
(١) من الآية ٢٣ سورة الإسراء ،
(٢) هي قراءة حمزة والكسائي ، من الكوفيين وبقية القراء السبعة على قراءة : إمّا يبلغنّ ؛
(٣) ص ٢٤٠ من الجزء الأول ،
(٤) هشام بن معاوية من زعماء الكوفيين ؛
(٥) أي في ظن السامع ، كما تقدم في بيان الغرض من التأكيد ،