وربّما سمّى بعضهم بدل البعض من الكل ، بدل الاشتمال أيضا ، لاشتمال الأول على الثاني ، لكونه كلّا له ، ولكن المشهور إفراده بالتسمية ببدل البعض ،
ولا بدّ في بدل البعض والاشتمال إذا كانا ظاهرين من ضمير راجع إلى المبدل منه ، حتى يعرف تعلقهما بالأول وأنهما ليسا ببدل الغلط ؛
بلى ، يجوز ترك الضمير إذا اشتهر تعلق الثاني بالأول ، كقوله تعالى : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ)(١) ، لاشتهار قصتهم وأنهم ملأوا الأخدود نارا ؛
وقال الكوفيون : يجوز سدّ اللام مسدّ الضمير ، نحو قولهم : مطرنا السهل والجبل ، أي مطرت أرضنا السهل والجبل على حذف المضاف ، أي : سهلها وجبلها ، فهو نحو قوله :
لحافي لحاف الضيف والبرد برده |
|
ولم يلهني عنه غزال مقنع (٢) ـ ٢٨٤ |
قال ابن الخشاب (٣) : لا يجوز جاءني زيد الأخ ، أي أخوه ، اتفاقا وأمّا الاعتذار عن نحو : مطرنا السهل والجبل ، فقد مضى في باب التأكيد (٤) ؛
قوله : «ولا يبدل ظاهر من مضمر» إلى آخره ؛ اعلم أن بدل البعض والاشتمال والغلط ، إذا كان ظاهرا ، يجوز أن يكون من ضمير المتكلم والمخاطب قال الشاعر في بدل البعض :
٣٥٨ ـ أوعدني بالسجن والأداهم |
|
رجلي فرجلي شتنة المناسم (٥) |
__________________
(١) الآية ٤ من سورة البروج وتقدمت
(٢) تقدم هذا الشاهد في باب الإضافة
(٣) ابن الخشاب : هو أبو محمد : عبد الله بن أحمد البغدادي ممن تقدم ذكرهم في الجزء الأول من هذا الشرح ؛ توفي في منتصف القرن السادس الهجري ،
(٤) انظر في هذا الجزء ؛ ص ٣٦٩.
(٥) نقل البغدادي عن ياقوت والعيني : ان هذا البيت للعديل بن الفرخ ، شاعر إسلامي في دولة بني مروان ، كان هجا الحجاج ثم هرب ، في قصة طويلة ، وقال ان ابن السيد قال : لا أعلم قائل هذا الرجز ، والله أعلم بحقيقة الحال ؛