فإنه ، وإن كان محتملا للمخاطب والغائبة ، لكنهم لم يبرزوا ضميره ، إجراء لمفردات المضارع مجرى واحدا في عدم إبراز ضميرها ؛
ولعل هذا هو الذي حمل الأخفش على أن قال : إن الياء في : تضربين ليس بضمير ، بل حرف تأنيث ، كما قيل في : هذي ؛ والضمير لازم الاستتار ، وانه استنكر الحكم بكون ضمير المفرد أثقل من ضمير المثنى ، مع أن القياس يقتضي أن يكون أخفّ ؛
وأمّا «افعل» أمرا ، و «لا تفعل» نهيا ، فحكمهما حكم «تفعل» للمخاطب لأن الأمر والنهي (١) مأخوذان من المضارع ، كما يجيء في قسم الأفعال ؛
ومذهب المازني : أن الحروف الأربعة في المضارع والأمر ، أعني الألف في المثنيات ، والواو في جمعي المذكر ، والياء في المخاطبة ، والنون في جمعي المؤنث علامات ، كألف الصفات وواوها في نحو : ضاربان وحسنون ، وهي كلها حروف والفاعل مستكن عنده ؛ ولعلّ ذلك حملا للمضارع على اسم الفاعل ، واستنكارا لوقوع الفاعل بين الكلمة وإعرابها أي النون ؛
وأمّا الضمائر المرفوعة في الصفات أعني اسم الفاعل واسم المفعول ، والصفة المشبهة ، فلم يبرزوها ، لأنها غير عريقة في اقتضاء الفاعل ، بل اقتضاؤها له لمشابهة الفعل ، فلم يظهروا فيها ضمير الفاعل ، وكذا أسماء الأفعال ، والظروف ، على ما يجيء بعد ؛
وأيضا ، الألف والواو في مثنيّات الأسماء وجموعها الجامدة ، كالزيدان والزيدون : حروف زيدت علامة للمثنى والمجموع بلا ريب ، فجعلت مثنيات الصفات وجموعها على نهج مثنيات الجامدة وجموعها ، لأن الصفات فروع الجامدة ، لتقدم الذوات على صفاتها ، فصارت الألف علامة المثنى ، والواو علامة الجمع ، فلم يمكن أن يوصل ألف الضمير وواوه بالمثنى والمجموع ، لئلا يجتمع الفان ، وواوان ، فاستكنّ الضميران : الألف في المثنى ، والواو في المجموع ؛
__________________
(١) حقه أن يقتصر على الأمر لأن النهي مضارع حقيقة وليس مأخوذا منه كالأمر ؛