مقتضية له بالأصالة ، ومن حيث الطبع والذات ، والفعل مقتض للمرفوع كذلك ، ومن ثمّة لا يخلو منه فعل ، فصحّ أن يجعل الضمير المرفوع كالجزء الأخير منه ؛ وأمّا سائر ما يرفع ، فهو إمّا ابتداء ، عند البصريين ، ولا يصح اتصال المرفوع به لأن المتصل كالجزء من الكلمة المتقدمة ، والابتداء معنى وليس بكلمة ؛ وإمّا مبتدأ وخبر ، كما اخترنا في أول الكتاب (١) ، والمتبدأ اسم ، وليس الاسم في اقتضاء المرفوع كالفعل ، إذ ليس كل اسم رافعا ، والخبر إمّا اسم وإمّا جملة ، وليس المرفوع ، أيضا ، من لوازم أحدهما ؛
وأمّا «ما» الحجازية ، فليست ، أيضا ، كالفعل في طلب المرفوع ، إذ هي حرف نفي ، ودخولها على الفعل أولى ، ومن ثمّ كان النصب في : ما زيدا ضربته ، أولى من الرفع ، وأيضا ، عملها للرفع بالمشابهة لا بالأصالة ؛
وأمّا «إنّ» وأخواتها ، فالاسم المرفوع بها لا يجوز اتصاله بها نحو إن زيدا أنت ، لما عرفت (٢) ، فلم يكن الضمير المرفوع بهذه الأشياء ، إذن ، إلا منفصلا ،
وأمّا اسم الفاعل ، أو اسم المفعول ، أو الصفة المشبهة ، أو المصدر ، أو اسم الفعل ، أو الظرف ، أو الجار والمجرور فهي ، أيضا ، لا ترفع بالذات ، بل بالحمل على الفعل ، ويتصل المرفوع ، من هذه الأشياء ، بغير المصدر ، لكن بشرط الاستتار ، كما يجيء ، وكذا نقول : الفعل هو المقتضي للمنصوب بالأصالة ؛ وسائر ما ينصب الضمائر وهو إنّ وأخواتها ، وما الحجازية نحو : ما زيد إياك ، واسم الفاعل واسم المفعول والمصدر واسم الفعل : إنما تنصب (٣) بمشابهة الفعل والحمل عليه ؛
وكان حق المنصوب ، أيضا ، ألّا يتصل إلا بالفعل ، أو الأسماء المشبهة له ، كالمرفوع (٤) ، لطلب الفعل له بالذات ، والبواقي بالحمل عليه ، لكنه لما جاز في الأصل ، أي الفعل :
__________________
(١) اختار الرضي في الكلام على العوامل ، أن المبتدأ والخبر يترافعان وعزّر هذا الرأي وأجاب عن كل ما يمكن أن يرد عليه ، انظر ص ٦٦ من الجزء الأول ؛
(٢) وهو أن العمل فيها بالحمل لا بالأصالة ؛
(٣) خبر عن قوله : وسائر ما ينصب ،
(٤) أي كما لا يتصل المرفوع بهذه الأشياء ،