وكذا كان الأصل في طاب زيد نفسا : لزيد نفس طابت ؛
وإنما خولف بها (١) لغرض الابهام أوّلا ، ليكون أوقع في النفس ، لأنه تتشوق النفس إلى معرفة ما أبهم عليها ، وأيضا ، إذا فسّرته بعد الابهام فقد ذكرته إجمالا وتفصيلا ، وتقديمه ممّا يخلّ بهذا المعنى ، فلما كان تقديمه يتضمّن إبطال الغرض من جعله تمييزا ، لم يستقم ؛
[أصل التمييز التنكير](٢)
وأصل التمييز : التنكير ، لمثل ما قلنا في الحال وهو أن المقصود رفع الإبهام وهو يحصل بالنكرة ، وهي أصل ، فلو عرّف ، وقع التعريف ضائعا ؛ وأجاز الكوفيون كونه معرفة ، نحو : (سفِه نفسَه) (٣) وغبن رأيه ، وبطر عيشه (٤) ، وألم بطنه ، ووفق أمره ، ورشد أمره ، وزيد الحسن الوجه ،
وعند البصريين ، معنى سفه نفسه : سفهها أو سفه في نفسه ، وألم بطنه متضمّن معنى «شكا» ، ووفق أمره ، ورشد أمره ، وبطر عيشه ، بمعنى : في أمره وفي عيشه ؛ والحسن الوجه ، مشبّه بالضارب الرجل كما يجيئ في باب الاضافة ؛
[ما بعد اسم التفضيل]
[والفرق بين نصبه وجرّه]
واعلم أنه لو قيل (٥) : إن أفعل التفضيل إذا أضيف إلى شيء ، فالذي يجري عليه أفعل التفضيل بعض المضاف إليه ، نحو : هذا الثوب أحسن ثوب ؛ وإن نصب ما بعده على
__________________
(١) أي غيرت عن الصورة الأصلية لها ،
(٢) استطراد من الرضي في هذا الموضع والذي يليه لاستكمال أحكام التمييز ،
(٣) من الآية ١٣٠ سورة البقرة ،
(٤) ورد مثله في قوله تعالى «وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها :) القصص ـ ٥٨
(٥) جوابه قوله الآتي : أقول وليس هذا بمطرد ؛