وذهب المازني إلى أنه من باب تغليب العاقل على غيره ، كما تقول : الزيدان والحمار جاءوا ؛ وهذا لا يطرد له في جميع الباب ، نحو قوله تعالى : (مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ)(١) ، وقولهم : ليس له سلطان إلا التكلف ، ونحو ذلك ؛
والثاني : أي الذي لا يدخل فيه المستثنى في ذلك الاسم مجازا ، ليس فيه إلا الوجه الثاني من قولي سيبويه ، وذلك نحو : ما جاءني زيد إلا عمرو ، وما أعانه إخوانكم إلا إخوانه ، قال :
٢١٢ ـ والحرب لا يبقى لجا |
|
حمها التخيّل والمراح (٢) |
إلا الفتى الصّبار في ال |
|
نجدات والفرس الوقاح |
وقال :
٢١٣ ـ عشيّة لا تغني الرماح مكانها |
|
ولا النبل إلا المشرفيّ المصمّم (٣) |
والثاني من القسمين : ما لا يكون قبله اسم يصح حذفه ؛ فبنو تميم ههنا يوافقون الحجازيين في إيجاب نصبه ، كقوله تعالى : (لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ)(٤) ، أي : من رحمه الله تعالى ، وقال بعضهم : لا عاصم ، أي لا معصوم ، فالاستثناء متصل ؛
وقال السيرافي : المراد بمن رحم : الراحم ، أي الله تعالى ، لا المرحوم فيكون أيضا
__________________
(١) الآية ١٥٧ من سورة النساء ؛
(٢) هذا من أبيات قالها سعد بن مالك ، من بني قيس ، تعريضا بالحارث بن عبّاد الذي كان قد قعد عن حرب البسوس بين بكر وتغلب ؛ والبيتان من شواهد سيبويه ج ١ ص ٣٦٦ ، ومن هذه الأبيات قوله :
من صدّ عن نيرانها |
|
فأنا ابن قيس لا براح |
وتقدم في الجزء الأول ، وسيأتي أيضا في هذا الجزء ؛
(٣) الاستثناء فيه منقطع لأن المشرفيّ وهو السيف ليس من جنس النبل والرماح ، وقد ورد هذا البيت بروايتين في قصيدتين احداهما هذه ، وهي لضرار بن الأزور الصحابي ، والثانية بتنكير مصمم ونصبه على الحال وهو بهذه الرواية من قصيدة للحصين بن الحمام الّمري ، وهي إحدى المفضليات ؛
(٤) الآية ٤٣ سورة هود