متصلا ؛ وأمّا قوله تعالى : (فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلا قَلِيلا) (١) ، وقوله تعالى : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ) ، (٢) فلا يجوز الإبدال في الآيتين ، لأن التحضيض كالأمر والشرط ، ولا يجوز : ليقم القوم إلا زيد ، و: ان قام أحد إلا زيد ؛
وكان الزجاج يجيز البدل في «قوم يونس» ، لأن معنى لو لا كانت قرية آمنت ، ما آمنت قرية ، لأن اللوم على ما فات دلالة على انتفائه ؛ ومنه قولهم : لا تكوننّ من فلان إلا سلاما بسلام ، أي متاركة ووداعا (٣) ، من قوله تعالى : (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً) ، (٤) ومعنى : بسلام أي مع سلام ، أي متاركة متتابعة ، ويجوز أن تكون الباء للبدل ، أي تسلم عليه وتردّ سلاما بدل سلامه ، ولا تخالطه بأكثر من هذا ، ومنه قولهم : ما ضرّ إلا ما نفع ، وما زاد إلا ما نقص ، و «ما» فيها مصدرية ؛
وأبو سعيد (٥) ، ومبرمان (٦) ، يقدّران الخبر ، أي : ولكن النقصان أمره (٧) ، ولكن النفع أمره ؛
ومذهب سيبويه : أن ما بعد «إلّا» في المنقطع مفرد ، كما مرّ ،
وأما نحو قوله : (٨)
__________________
(١) الآية ١١٦ سورة هود
(٢) الآية ٩٨ سورة يونس وتقدم جزء منها ؛
(٣) مصدر وادع موادعة ،
(٤) الآية ٦٣ سورة الفرقان
(٥) أي السيرافي ، وتقدم ذكره ؛
(٦) مبرمان : محمد بن علي بن إسماعيل من علماء القرن الرابع ، أخذ عن المبرد والزجاج ، وأخذ عنه أبو علي الفارسي ، وهو أحد من شرحوا كتاب سيبويه ، وفي النسخة المطبوعة : ابن مبرمان ، ولا وجه لكلمة ابن ؛
(٧) أي شأنه وصفته ؛
(٨) الاستشهاد بالبيتين الآتيين استطراد وإن كان الاستثناء فيهما بغير ، والمناسبة أن غير مثل إلا كما سيأتي ؛