٢١٤ ـ ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم |
|
بهنّ فلول من قراع الكتائب (١) |
وقوله :
٢١٥ ـ فتى كملت أخلاقه غير أنه |
|
جواد فما يبقي من المال باقيا (٢) |
فظاهر فيه أول وجهي سيبويه المذكورين ، وذلك أن الشاعر قصد جعله من المتصل مبالغة في المدح ، أي إن كان لا بدّ من العيب ، ففيهم عيب واحد ، فحسب ، وهو فلول سيوفهم من القراع ؛ وفي أخلاقه نقص واحد ، وهو جوده الكامل الممزّق لماله ؛ يعدّون ما في ظاهره أدنى شائبة من النقص وإن كان في التحقيق غاية في الكمال : من جملة (٣) العيوب ، غلوّا في الثناء ، كما قال بديع الزمان (٤) : عيبه أنه لا عيب فيه ، فنفي عين الكمال عن معاليه (٥) ؛
قوله : «أو كان بعد خلا وعدا في الأكثر» ، قال السيرافي : لم أر أحدا ذكر الجرّ بعد «عدا» إلا الأخفش ، فإنه قرنها في بعض ما ذكر ، بخلا ، في جواز الجّر بها ، وقال ،
__________________
(١) من قصيدة للنابغة الذبياني في مدح عمرو بن الحارث الغساني مطلعها :
كليني لهم يا أميمة ناصب |
|
وليل أقاسيه بطيئ الكواكب |
وهي من جيد شعر النابغة ،
(٢) قائله النابغة الجعدي في رثاء أخ له ، من أبيات أوردها أبو تمام في الحماسة في باب المرائي ، وقبل بيت الشاهد قوله :
ألم تعلمي أني رزئت محاربا |
|
فما لك منه اليوم شيء ولا ليا |
وبعده فتى تمّ فيه ما يسرّ صديقه |
|
على أن فيه ما يسوء الأعاديا |
(٣) متعلق بقوله : يعدون ما في ظاهره
(٤) بديع الزمان هو أبو الفضل أحمد بن حسين ، الكاتب الشاعر ، اشتهر بمقاماته ورسائله البليغة ، وكان ذا حظوة عند الصاحب بن عباد وكانت حياته أثناء القرن الرابع الهجري ،
(٥) المعنى : أن من يقول عن إنسان إنه لا عيب فيه إلا الكرم مثلا ، ينفي بقوله هذا عين الكمال ، أي عين الحاسد التي تتجه إلى الشيء الكامل ؛ بإثباته عيبا للمدوح ولو ظاهرا ، وذلك المعنى أجمله الشاعر الذي يقول :
ما كان أحوج ذا الكمال إلى |
|
عيب يوقّيه من العين |
ويقول شاعر آخر :
شخص الأنام إلى كمالك فاستعذ |
|
من شرّ أعينهم بعيب واحد |