وبني حادي عشر إلى تاسع عشر ، بناء خمسة عشر ، وذلك لأن أصل خامس عشر : خامس وعشرة ، كما تقول : الخامس والعشرون والرابع والخمسون ، جرت عادتهم بإبقاء الجزء الثاني مما فوق العشرة ، مركبا كان أو معطوفا في المفرد من المتعدد ، كما كان في العدد ، فتقول الثاني والعشرون كما قلت : اثنان وعشرون ؛
فإن قلت : معنى العطف في العدد ظاهر ، بخلافه في المفرد من المتعدد ، وذلك لأن معنى ثلاثة وعشرون رجلا : ثلاثة رجال وعشرون رجلا ، وكذا في نحو : ثلاثة عشر رجلا ، أي ثلاثة رجال وعشرة رجال ، وليس معنى ثالث عشر : واحدا من الثلاثة ، وعشرة ، ولا معنى : الثالث والعشرون : الواحد من الثلاثة ، والعشرون ، بل المعنى : الواحد من الثلاثة والعشرة والواحد من الثلاثة والعشرين ، فما معنى هذا العطف؟
قلت : كان القياس أن يبنى من مجموع جزأي المركب في نحو ثلاثة عشر اسم فاعل واحد ، وكذا من مجموع المعطوف والمعطوف عليه في نحو ثلاثة وعشرون ، إذ لو بنيت من كل واحد من الجزأين ، وكل اسم فاعل من العدد يدل على مفرد من المتعدد ، لكانا اسمي فاعل يدلّان على مفردين : وهو ضد المقصود ، فتبيّن أن «عشرين» في قولك : ثالث وعشرون ، ليس بمعنى المفرد من المتعدد كما في قولك : الباب العشرون ، بل هو باق على معنى العدد ، كما كان في : ثلاثة وعشرون ، ولو كان بمعنى المفرد لقلت في ثلاثة عشر : ثالث عاشر ، إذ المفرد من العشرة : عاشر ، وليس كالعشرين ، إذ لفظ العدد ولفظ المفرد من المتعدد ههنا في صورة واحدة ؛ فنقول :
إذا أرادوا بناء اسم فاعل واحد من مجموع لفظي ثلاثة وعشرين أو : ثلاثة عشر ، كما بني من ألفاظ الآحاد التي تحت العشرة ، ولم يمكن بناء اسم فاعل منهما مع بقاء حروفهما ، لأن لفظ الفاعل : اسم ثلاثي ، زيد فيه ألف بعد الفاء ، وحروف الاسمين أكثر من ثلاثة ، ومع حذف بعض حروف كل واحد منهما ، وإبقاء الآخر ، نحو : ثاشر ، مثلا في : ثالث عشر ، أو : ثالش ، كان يلبس ، فاضطروا إلى أن يوقعوا صورة اسم الفاعل التي حقها سبكها من مجموعهما ، على أحدهما لفظا ، ويكون المراد من حيث المعنى : كونها من المجموع ، لأن المعنى واحد من مجموع العددين ، فأوقعت تلك الصورة على أول الاسمين دون الثاني ليؤذن من أول الأمر أن المراد : المفرد من المتعدد ، لا العدد ، وعطف الثاني