لفظا على تلك الصورة ، وهو معطوف من حيث المعنى على العدد المشتق ذلك الفاعل منه ، فهو عدد معطوف على عدد ، لا متعدد على متعدد ، ولا عدد على متعدد ، لاستحالتهما ، كما بيّنّا ، لكن المعطوف عليه في الحقيقة : مدلول المعطوف عليه ظاهرا ، ويستوي فيما قلنا : المعطوف بحرف ظاهر ، كما في : الثالث والعشرون ، أو بحرف مقدر كما في : ثالث عشر ، فأصل قولك : جاءني ثالث عشر : جاءني واحد من ثلاثة عشر ، فعشر ، معطوف على ثلاثة ، لا على واحد ، ثم جعل لفظ ثالث مقام قولك واحد من ثلاثة ، فعطفوا عشر على ظاهر هذا القائم مقام المجموع ، لما اضطروا إليه ؛
فإن قيل : لو كان معنى ثالث عشر : واحد من ثلاثة عشر ، لم يجز أن يضاف إلى ثلاثة عشر ، فيقال : ثالث عشر ثلاثة عشر ، إذ يكون المعنى : واحد من ثلاثة عشر ثلاثة عشر ،
قلت : هذا كما يضاف ثالث مع أن معناه : واحد من ثلاثة ، إلى ثلاثة فيقال : ثالث ثلاثة ، وإنما أضيف في الموضعين لاحتمال أن يراد بثالث عشر ، لو لم يضف إلى أصله : ثالث عشر عشرين ، أو خمسين ، أو مائة ، أو فوقها ، لأن اسم الفاعل من العدد إذا كان بمعنى واحد ، يضاف إلى العدد المشتق هو منه ، وإلى ما فوقه ، أيضا ، كما تقول : الحسين رضي الله عنه : ثالث الاثني عشر (١) ، كما يجيئ في باب العدد ؛
وإذا عرّف نحو ثالث عشر ، وثلاثة عشر ، من المركبات ، باللام ، فلا خلاف في بقائه على بنائه ، لبقاء علة البناء مع اللام ، أيضا ، وأمّا إذا أضيف ، كثلاثة عشرك ، مثلا ، ففي إعرابه خلاف ، كما يجيئ في باب العدد ؛
فإن قلت : فلم لم يجز الإعراب مع اللام المرجحة لجانب الاسمية ، كما ذكرت في باب الأصوات ، نحو : كلّ الأين؟
__________________
(١) أشرت في مقدمة هذا الشرح عند الحديث عن مذهب الرضي ، إلى أن من الأدلة على تشيعه ، ما يرد في هذا الكتاب من أمثلة كهذا المثال ، وكقوله في باب الفاعل : استخلف المرتضى المصطفى صلّى الله عليه وسلم ؛ في تمثيله لتقدم المفعول على الفاعل عند ظهور المعنى ، والمراد بالمرتضى : علي بن أبي طالب رضي الله عنه ؛