قلت : لأن الجزء الذي باشره اللام من المركب ، أي صدره ، يتعسّر إعرابه ، للزوم دوران الإعراب في وسط الكلمة ، والجزء الأخير لم تباشره اللام فكيف يعرب ، بخلاف نحو : كل الأين ، فإن اللام باشرت فيه ما كان مبنيا ، وبخلاف الإضافة فإنها تباشر الثاني في نحو : ثلاثة عشر زيد ؛ فمن ثمّ جوّز الأخفش إعرابه ، كما يجيئ في باب العدد ؛
قوله : «إلا اثني عشر» ، جمهور النحاة على أن «اثني عشر» ، معرب الصدر ، لظهور الاختلاف فيه ، كما في : الزيدان والمسلمان ، وتمحّلوا لإعرابه علة ، كما يجيئ ؛
وقال ابن درستويه (١) : هو مبني كسائر أخواته من الصدور ، لكونه محتاجا إلى الجزء الثاني مثلها ، وقال : كل واحد من لفظي : اثنا عشر واثني عشر ، صيغة مستأنفة ، كما مرّ في : هذان ، وهذين ، واللذان واللّذين ؛
وإنما أعرب ، عند الجمهور ، الصدر منه ، لأنه : عرض بعد دخول علة البناء فيه ، أي تركيبه مع الثاني وكون الإعراب ، لو أعرب ، كالحاصل في وسط الكلمة : ما (٢) أوجب كونها كالمعدوم ، وذلك أنهم لما أرادوا مزج الاسمين ، بعد حذف الواو ، المؤذن بالانفصال ووجب حذف النون أيضا لأنها دليل تمام الكلمة ، كما ذكرنا في صدر الكتاب ، ولم يحذف النون لأجل البناء ، ألا ترى إلى بناء نحو : يا زيدان ، ويا زيدون ، ولا مسلمين ولا مسلمين ، مع ثبوت النون ؛ فقام «عشر» بعد حذف النون مقامها ، وسدّ مسدّها ، والنون بعد الألف والواو في : مسلمان ومسلمون ، لا يجعلها كالكائن في وسط الكلمة ، لأنها دليل تمام الكلمة قبله ، والإعراب يكون مع التمام ، فلذا يختلف الإعراب قبل النون في المثنى والمجموع ، كما يختلف قبل التنوين ، فصار «اثنا عشر» كاثنان ، والدليل على قيام «عشر» مقام النون أنه لا يضاف اثنا عشر ، كما يضاف أخواته ، تقول ثلاثة عشرك وخمسة عشرك ، ولا تقول : اثنا عشرك ، لأنه ، كاثنانك ، (٣) ويجوز أن يقال : صار
__________________
(١) تقدم ذكره في هذا الجزء ،
(٢) فاعل لقوله : عرض بعد دخول علة البناء ..
(٣) يقصد لفظ «اثنان» مضافا إلى ضمير المخاطب مع بقاء النون ، أي وذلك ممنوع فكذلك اثنا عشرك ؛