وكان القياس ألّا يقال لاسم الفعل الذي هو في الأصل جار ومجرور ، نحو : عليك ، وإليك : اسم فعل ، لأنا نقول لمثل صه ورويد ، انه اسم بالنظر إلى أصله ، والجار والمجرور لم يكن اسما ، إلا أنهم طردوا هذا الاسم في كل لفظ منقول إلى معنى الفعل نقلا غير مطرد كالمطرد (١) ، في نحو : رحمك الله ، ولم يضرب ، فيصح أن يقال في : كذب العقيق (٢) بالنصب : ان «كذب» اسم فعل كما يجيء ،
ثم اعلم أن بعضهم يدّعي أن أسماء الأفعال مرفوعة المحل على أنها مبتدأة لا خبر لها ، كما في : أقائم الزيدان ؛
وليس بشيء ، لأن معنى قائم ، معنى الاسم وإن شابه الفعل ، أي : ذو قيام ، فيصح أن يكون مبتدأ ، بخلاف اسم الفعل ، فإنه لا معنى للاسمية فيه ، ولا اعتبار باللفظ ، فإن في قولك : «تسمع بالمعيديّ» (٣) تسمع مبتدأ ، وإن كان لفظه فعلا لأن معناه الاسم ، فاسم الفعل ، إذن ، ككاف «ذلك» ، وكالفصل (٤) عند من قال انه حرف ، كان لكلّ واحد منهما محل من الاعراب لكونهما اسمين فلما انتقلا إلى معنى الحرفية ، لم يبق لهما ذلك ، لأن الحرف لا إعراب له ، فكذا اسم الفعل ، كان له في الأصل محل من الاعراب (٥) فلما انتقل إلى معنى الفعلية ، والفعل لا محل له من الإعراب في الأصل ، لم يبق له محل من الاعراب ، كما ذكرنا في المفعول المطلق ؛ (٦)
وما ذكره بعضهم من أنّ أسماء الأفعال منصوبة المحل على المصدرية ، ليس بشيء ، إذ لو كانت كذلك لكانت الأفعال قبلها مقدرة ، فلم تكن قائمة مقام الفعل ، فلم تكن مبنية ؛
__________________
(١) يعني كالنقل المطرد في جعل الجملة الخبرية الماضية دعائية ، وجعل المضارع المنفي بلم ماضيا ،
(٢) إشارة إلى بيت شعر سيأتي كاملا في الشرح ؛
(٣) تقدم شرحه
(٤) أي صيغة الضمير التي يسمونها فصلا.
(٥) أي حين كان مصدرا ، وذلك هو رأي الرضى في أسماء الأفعال وأنها منقولة عن المصادر ولو تقديرا ،
(٦) تقدم في الجزء الأول ،