وفى شرح المفتاح الشريفى ان قوله ابتداء اخبار للنظر الى ان مجموع الثلثة لم يسبق منهم اخبار فلا تكذيب لهم فى المرة الاولى فيحمل التأكيد فيها على الاعتناء والاهتمام منهم بالخبر انتهى وفيه ان الرسل الثلثة كانوا عالمين بانكارهم والكلام المخرج مع المنكر لا يقال له انه ابتداء اخبار وقيل انه بمنزلة ابتداء اخبار بالنسبة الى المرة الثانية لا حقيقة وقيل معناه انه اخبار غير مسبوق باخبار آخر ولا يخفى ضعفهما وعندى ان ما ذكره السكاكى رحمه الله مبنى على ان قوله تعالى (فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ) معطوف على قوله تعالى فكذبوهما والفاء للتعقيب فهذا القول صادر عن الثلثة بعد تكذيب الاثنين والتعزيز بثالث كما هو طريقة المتكلم مع الغير من كون المتكلم واحدا والغير متفقا معه فلا يرد ان شمعون كان ساكتا مخفيا حاله فكيف يقال ان قوله تعالى (إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ) صادر عن الثلثة فيكون كلاما مع المنكرين فجاء مؤكدا بان واسميه الجملة وقوله تعالى (رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ) بعد تكذيب الثلثة المبين بقوله تعالى (قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) الاية فجاء مؤكدا بالتأكيدات وقول صاحب الكشاف مبنى على انه معطوف على قوله اذ جاءها المرسلون وانه تفصيل للقصة المذكورة اجمالا بقوله تعالى (إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ) الى قوله تعالى (فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ) فالفاء للتفصيل فقوله تعالى (إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ) بيان لقوله تعالى (إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ) فيكون ابتداء اخبار صدر من الاثنين فاتوا بصيعة الجمع تقرير الشان الخبر باتفاق جماعة عليه والمتكلم واحد منهما وقوله تعالى (قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ) بيان لقوله تعالى (فَكَذَّبُوهُما) وقوله تعالى (قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ وَما عَلَيْنا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) بيان لقوله تعالى (فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ) فان البلاغ المبين هو اثباتهم الرسالة بالمعجزات وهو التعزيز والغلبة ولا يخفى حسن هذا التفسير لموافقته بالقصة المذكورة فى التفاسير وملايمته لسوق الاية فانها ذكرت اولا اجمالا بقوله (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ) ثم فصلت بعض التفصيل بقوله تعالى (إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ) الى قوله تعالى (فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ) ثم فصلت تفصيلا تاما بقوله تعال (فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ) الى قوله خامدون وعدم احتياجه الى جعل الفاء فى قوله فكذبوهما فصيحة بخلاف تفسير السكاكى رحمه الله فانه يحتاج الى تقدير فدعوا الى التوحيد والله اعلم باسرار كتابه* قال قدس سره ليدعوهم الى عيسى عليه السّلام الخ* فيه بحث لان المذكور دعوتهم الى التوحيد والاسلام يدل عليه قوله تعالى (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي) الاية اى (ما لكم لا تعبدون) بعد قوله (اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ) قال قدس سره والظاهر الخ