فحصل لنا مقدمتان مقصود الكتاب منحصر فى علم البلاغة وتوابعها وعلم البلاغة وتوابعها منحصر فى علوم ثلاثة هى (١) فنون ثلثة ينتج ان مقصود الكتاب منحصر فى الفنون الثلثة ومعلوم ان الامور الثلثة المذكورة فى الكتاب يكون واحد منها اول آخر ثانيا وآخر ثالثا فعلم ان مقصود الكتاب فنون ثلثة موصوفة بالاولية والثانوية والثالثية وانها علم المعانى والبيان والبديع الا ان النسبة بينها مجهولة اذ لم يعلم (٢) ان الفن الاول علم المعانى او البيان او البديع فقال لافادة النسبة الفن الاول اى من الفنون الثلثة التى علم انحصار مقصود الكتاب فيها علم المعانى وكذا قوله الفن الثانى علم البيان والفن الثالث علم البديع فهذه التراكيب من قبيل قولنا المنطلق زيد كما سيجئ فتدبر فانه مما زل فيه اقدام الناظرين ووقعوا فى حيص بيص (قوله فلم يكن لتعريفها) اذ لا يمكن ههنا الا التعريف اللامى وهو يقتضى تقدم الذكر صريحا او اشارة (قوله فنكرها) لانه الاصل فى الاسماء ولا مقتضى للعدول (قوله وما يتصل بذلك) عطف على معنى الفصاحة كالسابق وهو بيان النسبة بين الفصاحة والبلاغة وكونهما صفة اللفظ او المعنى وبيان النسبة بين مقتضى الحال والاعتبار المناسب وبيان مرجع البلاغة (قوله والمقدمة مأخوذة الخ) لم يرد انها منقوله عنها او مستعارة لانه لا معنى لنقل اللفظ المفرد عن المضاف واستعارته منه اذ لا بد من اتحاد اللفظ فيهما ولانه لم يبين معنى لفظ المقدمة حتى يقال انها بذلك المعنى منقولة او مستعارة بل اراد ان لفظ المقدمة مأخوذة من مقدمة الجيش بالقطع عن الاضافة فمعناها المتقدمة يعنى پيش شونده وانما لم يقل مأخوذة من قدم بمعنى تقدم لان التحقيق ان استعمال المشتق منه لا يكفى فى اخذ المشتق ما لم يرد الاستعمال به كما فى لفظ الصلوة والزكوة واطلاق المقدمة على مقدمة الجيش ايضا باعتبار معناها الوضفى والتاء لتأنيث الموصوف اعنى الجماعة يدل عليه ايرادها فى الاساس فى الحقيقة حيث قال قدمته واقدمه فقدم بمعنى تقدم ومنه مقدمة الجيش (قال يقال مقدمة العلم) اى المقدمة اذا اضيفت الى العلم يطلق على ما يتوقف عليه مسائله شروعا او تصورا او تصديقا فيعم المبادى ايضا كما فى شرح المفتاح او شروعا فقط كما فى المختصر اى يراد ذلك المعنى باطلاق العام اعنى ما تقدم العلم على فردمنه لا انه نقل فى الاصطلاح الى هذا المعنى اذ لا داعى اليه وللزوم النقل الى معان كثيرة لانه يقال مقدمة الدليل لما يتوقف عليه صحته ومقدمة القياس لما هو جزء منه ويؤيد ما قلنا قولهم المراد بالمقدمة ههنا ما يتوقف عليه الشروع فى العلم دون ان يقولوا معنى المقدمة (قوله كمعرفة حده) اى رسمه وهذا بناء على زعم القوم فان الشارح رحمه الله نفى توقف
__________________
(٧) لان الفنون اما عبارة عن الالفاظ او النقوش او المعانى لما ان اجزاء الكتاب عبارة عما كان الكتاب عبارة عنه م
(٢) اذ التقديم الذكرى فى بيان الانحصار لا يفيد القديم فى الترتيب م