فى الاحياء الجزع باطلاق داعى الهوى فيرسل برفع الصوت وضرب الخدود وشق الجيوب والمبالغة فى الشكوى واظهار الكآبة وتغيير العادة فى الملبس والمطعم وهو على نوعين جميل وهو الذى لا شكوى فيه الى الخلق وغير جميل وهو الذى فيه شكوى الى الخلق لكن لا جزع فيه ولا مبالغة فى الشكوى اذا عرفت هذا فاعلم انه اذا قدر الخبر اجمل لا بد من المفضل عليه والمفهوم الظاهر من تقييد الصبر بالجميل ان المفضل عليه صبر غير جميل فيكون المعنى فصبر جميل اجمل فى هذه الواقعة من صبر غير جميل وليس المعنى على هذا اذ يفهم منه ان المقام كان مقام الصبر الغير الجميل الا ان يعقوب عليه السّلام صبر صبرا جميلا فى هذه الواقعة لانه اجمل ولا يخفى انه لا يناسب كمال تمدحه عليه السّلام بل المعنى ان الصبر الجميل فى هذه الواقعة اجمل من الجزع وبث الشكوى ليشعر بان المقام مقام عدم الصبر ويعقوب عليه السّلام صبر صبرا جميلا فيفيد كمال تمدحه هذا ما اراد الشارح رحمه الله بقوله وبان المفهوم الخ وانت بعد احاطتك بهذا تعلم ان الابحاث التى اوردها الفاضل الچلبى بعيدة عن المقصود بما حل فتدبر (قوله كقولك ازيد عندك ام عمر والخ) قال الشارح رحمه الله تعالى فى شرحه للمفتاح لقائل ان يقول لم لا يجوز ان يكون عمرو فى هذا المثال عطفا على زيد عطف مفرد على مفرد للمشاركة فى المسند المذكور كما فى قام زيد وعمرو من غير ان يحمل ذلك على ترك المسند انتهى وهو موافق لما فى مغنى اللبيب حيث قال ان فى نحو زيد فى الدار وعمرو جاز ان يكون الخبر لهما معا واعترض بانه لو جاز ذلك لصح زيد قائمان وعمرو بتقدير زيد وعمرو قائمان واجاب بانه ان سلم منعه فلقبح اللفظ وهو منتف فيما نحن بصدده ولكن يشهد للجواز قوله* ولست مقرا للرجال ظلامة* ابى ذاك عمى الا كرمان وخاليا* فما ذكره السيد فى شرحه للمفتاح وحواشيه من ان ازيد عندك ام عمرو لا يجوز ان يكون من عطف المفرد على المفرد لتحمل الظرف ضمير زيد فلا يتحمل ضمير عمرو نعم يجوز ذلك فيما اذا كان الخبر مقدما او مؤخرا فمخالف لما نقلناه ولعل منشأ الفرق انه اذا كان الخبر مؤخرا او مقدما يكون العطف مقدما على الاخبار فهو خبر فى الحقيقة عن احدهما متحمل لضميره واما اذا توسط الخبر فيكون الاخبار مقدما على العطف فيكون الخبر متحملا لضمير المعطوف عليه فلا يجوز ان يكون متحملا لضمير المعطوف دفعا لدغدغة المتعلم اللهم الا اذا اعتبر العطف مقدما على الاخبار وذلك تكلف فى السعة بخلاف الشعر فالشاهد الذى اورده صاحب المغنى لا يفيد المدعى واما ما ذكره صاحب التحفة وتبعه الناظرون من ان الامتناع انما هو اذا عطف بالواو واما اذا عطف باواو ام فلا لانه حينئذ يكون خبر لاحدهما فمما لا يشهد له