مختلف وقد مر ان الغرض منهما بيان تعدد مراتب البلاغة وكون بعضها اعلى من بعض ثم تعيين اعلاه واسفله فى المفتاح ارتفاع شان الكلام اى الكلام البليغ فى باب الحسن (٧) والقبول وانحطاطه فى ذلك بحسب مصادفة الكلام لما يليق به وهو الذى تسميه مقتضى الحال كلما كانت المصادفة اتم وما صادفه اليق كان الكلام فى مرتب الحسن فى نفسه والقبول عند البليغ ارفع واعلى وكلما كانت انقص كان اشد انحطاطا طاوادنى درجة واقل حسنا وقبولا فمعنى المتن على طبق ما فى المفتاح ان كل ارتفاع للكلام بالقياس الى كلام آخر فى باب الحسن سواء كان باصل الحسن او الزائد والقبول عند البلغاء يقدر مطابقته للاعتبار المناسب وانحطاطه بقدر عدم المطابقة للاعتبار المناسب فالطرف الاسفل ارتفاعه على الكلام الذى تحته وهو الملتحق باصوات الحيوانات بقدر مطابقته للاعتبار المناسب وايجابه بها لاصل الحسن وانحطاطه بعدم ذلك القدر والتحاقه بالاصوات وكذا الحال فى الطرف الاوسط والاعلى فان ارتفاع كل واحد منهما بالنسبة الى ما تحته بقدر مطابقته للاعتبار المناسب وايجابه للحسن الزائد على ما تحته وانحطاط كل واحد منهما بعدم ذلك القدر من المطابقة وذلك التفاوت فى المراتب اما باعتبار تفاوت الكلامين فى الاشتمال على المقتضيات فى القلة والكثرة واما باعتبار تفاوت اقتدار المتكلم فى الرعاية فان المعتبر فى البلاغة مطابقة الكلام لجميع ما يقتضيه الحال بقدر الطاقة فاندفع ما قيل انه كيف يتصور الارتفاع والانحطاك والمعتبر فى البلاغة مطابقة الكلام لجميع ما يقتضيه الحال بقدر الطاقة وكذا اندفع ما قيل ان المطابقة سبب لاصل الحسن لا لارتفاعه وعدم المطابقة سبب لعدم الحسن لا لانحطاطه لان ذلك انما يرد لو كان معنى المتن ان الارتفاع فى الحسن بسبب المطابقة وانحطاطه فيه بسبب عدمها على انه لو سلم ان معناه ذلك فللمطابقة مراتب متفاوتة فيصح ان يقال كل ارتفاع للكلام فى الحسن بسبب الطابقة وان كان نفس الحسن ايضا بالمطابقة وكذا لعدم المطابقة مراتب متعددة بحسب تعدد مراتب المطابقة فيصح ان يقال كل انحطاط للكلام فى الحسن بسبب عدم المطابقة وان كان انتفاء اصل الحسن ايضا بعدم المطابقة وقد يجاب بان المراد الكلام الفصيح واصل الحسن فيه حاصل بالفصاحة عند المصنف رحمه الله تعالى فلا اشكال وفيه انه مناف لما سيجئ من قوله واسفل وهو ما اذا غير الكلام الى ما دونه التحق باصوات الحيوانات الا ان يراد التحاقه بالاصوات من حيث انتفاء هذا الحسن فلا ينافى بقاء حسنه من حيث الفصاحة (قوله فى الحسن) اى فى باب الحسن
__________________
(٧) الحسن ثلثة صفة الكمال وصفة النقص كما يقال العلم حسن والجهل قبيح والثانى ملايمة الغرض ومنافرته وقد يعبر عنهما بالمصلحة والمفسدة والثالث تعلق المدح والذم عاجلا والثواب والعقاب آجلا لان المص فى صدد تفاوت مقامات الكلام ويتفاوت مقامات يتفاوت مقتضيات الكلام وبتفاوتها يتفاوت مقتضيات الاحوال م