الاستعارة التبعية لفظية ولا يجرى فيما يكون القرينة حالية اذ ليس ههنا لفظ يجعل استعارة بالكناية كما فى قوله تعالى (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) فان لعل استعارة تبعية لارادته تعالى لامتناع الترجى عليه لكونه علام الغيوب وكذا فى قوله تعالى (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ) فان رب استعارة تبعيه على سبيل التهكم بقرينة مناسبة كثرة الوداد بحالهم قال الشارح رحمه الله فى شرح المفتاح تجعل ارادة التقوى استعارة بالكناية عن الترجى ونسبة لعل اليه قرينة وقلة الوداد استعارة عن كثرته تهكما وذكر رب قرينة وعلى هذا القياس وفيه ان ارادة التقوى ليست بمذكورة فكيف يجعل استعارة بالكناية وان الترجى مذكور صريحا لكونه معنى حقيقيا لكلمة لعل فكيف يكون مكنيا عنه وان نسبة لعل اليه تعالى قرينة على انها ليست بمعنى الترجى لا على ان ارادة التقوى مجاز عن الترجى وكذا ذكر رب مع وداد الكفار قرينة على عدم كونها للقلة لا على كون القلة استعارة عن الكثرة وقال السيد فى شرحه يجعل الاتقاء استعارة بالكناية عن المرجو ويجعل لعل قرينة لها وفيه ان المذكور فى الآية تتقون بصيغة الفعل والاستعارة فى معنى الفعل لا تكون الا تبعية فثبت التبعية ولو بطريق آخر فلا يكون التوجيه المذكورنا فيا للتبيعة من البين وقيل يجعل المخاطبون استعارة بالكناية عمن يرجى منهم الاتقاء والقرينة نسبة التقوى المرجو اليهم بذكر لعل وتتقون وفيه انه ليس ههنا رد التبعية التى فى لعل الى المكنية بل هو تصوير لاستعارة فاعل تتقون عمن يرجى منهم الاتقاء ويرد على جميع التوجيهات انه تصوير للاستعارة بالكناية فى الآيتين على غير طريقة السكاكى رحمه الله والكلام انما هو على جريان طريقته (قوله لا مجازا مرسلا) بان يكون نطقت مجازا عن دلت بعلاقة الملازمة بينهما على ما مر (قوله ان العلاقة بين المعنيين هى المشابهة) اى على تقدير كون نطقت الحال استعارة تبعية لان الكلام فى رد التبعية الى المكنى عنها واذا حملت على المجاز المرسل لا يكون مما نحن فيه وايضا على تقدير كونه مجازا مرسلا يلزم تحقق المكنية بدون التخلييلية فيلزم الفساد المذكور فى الشق الاول قيل كلام السكاكى رحمه الله صريح فى انه رد الاستعارة التبعية الى المكنية على قاعدة القوم فحينئذ لا حاجة له الى استعارة قرينة الاستعارة المكنية لشئ حتى تبقى التبعية مع ذلك بحالها فلا يتم ما رد به المصنف وانما قلنا كلامه صريح فى ذلك لانه قال ولو انهم جعلوا قسم الاستعارة التبعية من قسم الاستعارة بالكناية بان قلبوا فجعلوا فى قولهم نطقت الحال بكذا الحال التى ذكرها عندهم قرينة الاستعارة بالتصريح استعارة بالكناية عن المتكلم وجعلوا نسبة النطق اليه