وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً)(٢) ولم يقل ان يخرج مقدار اقصر سورة منه عن طوق البشر مع انه المعجز لان الكلام فى بيان مراتب البلاغة فى نفسها لا باعتبار ما يتحقق فيه (قوله فان قيل ليست البلاغة سوى المطابقة الخ) فكيف يمكن ارتقاء الكلام الى ان يخرج عن طوق البشر فالسؤال استفسار محض كما بدل عليه قوله لم لا يجوز الخ وقوله ليست البلاغة الخ بيان لمنشأ الاستفسار وقيل انه معارضة فى كون الطرف لا على حد الاعجاز والدليل لم يذكر من احد الجانبين لظهوره فصح الجواب بالمنع وفيه ان قوله لم لا يجوز الخ بظاهره يأبى عنه وان ما ذكره فى السؤال انما يدل على عدم امكان حد الاعجاز لا على عدم كون الطرف الاعلى حد الاعجاز الا بضم مقدمة خارجة (قوله وعلم البلاغة كافل الخ) اى علم له مزيد اختصاص بالبلاغة اعنى المعانى والبيان كافل باتيان هذين الامرين من حيث يتعلق بهما الارتقاء فى البلاغة على وجه التمام كما فى قوله تعالى (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) وذلك لان علم المعانى كافل للمطابقة وعلم البيان كافل للخلوص عن التعقيد المعنوى وما عداه من الامور المعتبرة فى الفصاحة لا تعلق له بالارتقاء فى البلاغة ولا يجوز تفسير علم البلاغة بعلم له تعلق بالبلاغة فيشمل اللغة والصرف والنحو لانه خلاف المعنى المتعارف وينافيه قوله لا يعرف بهذا العلم فانه صريح فى ان المراد به المعنى المتعارف ويرد عليه ان الخلوص عن التنافر لا يتكفل له العلوم المذكورة فلا يصح ان علم البلاغة كافل باتمام هذين الامرين وكذا لا يجو ان يقال معناه ان علم البلاغة اى المعانى والبيان كافل باتمام هذين الامرين واكماله فلا ينافى توقف بعض هذين الامرين على علوم اخر والذوق السليم لانه لا يصح تفريع قوله فمن اتقنه واحاطه كما لا يخفى (قوله قلنا الخ) منع للمقدمات التى ذكرها المستفسر على الترتيب فقوله لا يعرف منع لكفالته وقوله فامكان الاحاطة منع لحصول الاتقان والاحاطة للبشر وقوله وكثير من مهرة الخ منع لترتب الرعاية على الاتقان فتدبر فانه قد غلط فيه الناظرون (قوله واما الاطلاع الخ) اى معرفة عدد الاحوال وكفيتها فى الشدة والضعف ورعاية الاعتبارات بحسب المقامات التى يتوقف عليها الاتيان بكلام هو فى الطرف الاعلى فامر آخر لا تعلق له بعلم البلاغة ولا يستفاد منه (قوله ولو سلم) اى كفالة هذا العلم للاطلاع المذكور (قوله كما مر) فى قوله اذبه يكشف عن وجوه الاعجاز فى نظم القرأن استارها (قوله ظاهر هذه العبارة الخ) لقرب المعطوف عليه والمرجع (قوله من المراتب العلية الخ) بناء على ان الحد
__________________
(٢) فقال بعضهم اعجازه لنظمه وآخرون لمعانيه وقيل لاخباره عن المغيبات وقيل باسلوبه الغريب وقيل بصرفه العقول عن المعارضة وغير ذلك م