كونه مصدرا ميميا بمعنى المرجوع اليه على الحذف والايصال اذ لا يمكن استتار الضمير فى المصدر وما قيل انه يأبى عنه كلمة الى لان المرجع نفس الاحتراز فليس بشئ لانه كما يصح ان مرجعها الاحتراز باعتبار تحققه فيه يصح ان يقال ان مرجعها عائد اليه باعتبار التحقق وانما لم يجعله مصدرا ميميا لخلوه عن الاشارة الى ان هذين الامرين يتوقف عليهما حصول البلاغة بخلاف المرجع فانه مشير الى التوقف كما استشهد عليه بقولهم مرجع الصدق والكذب الخ وبما ذكرنا ظهر ان القول بان المرجع فى المتن بمعنى المصدر وضمير هو راجع الى المرجع بمعنى اسم المكان بطريق الاستخدام ليس بشئ اذ على تقدير كونه فى المتن مصدرا لا حاجة الى بيان معنى المرجع بمعنى اسم المكان وكذا ما قيل انه بيان لحاصل المعنى لان كلامه صريح فى انه تفسير للمرجع ولان هذا الحاصل يجب ان يذكر بعد تمام الكلام (قوله حتى يمكن) امكانا وقوعيا فلا يرد ان الامكان لا يكون معللا بالغير لانه الامكان الذاتى (قوله مرجع الصدق الخ) اى صدق المخبر لا الخبر لان صدقه عبارة عن كونه بحيث يطابق حكمه الواقع فلا يرد ان الطباق واللاطباق نفس الصدق والكذب لامر جعهما (قوله الى طباق الخ) اى عائد اليهما عود الكلى الى جزئياته من حيث التحقق (قوله الاحتراز عن الخطأ الخ) ولا يدخل فيه الاحتراز عن التعقيد المعنوى (٧) لانه خطأ فى كيفية التأدية فالاحتراز عنه احتراز عن الخطأ فى كيفية التأدية لا فى نفسها (قوله المعنى المراد) وهى الاعراض التى يصاغ لها الكلام اعنى الاحوال (قوله والا لربما الخ) اى وان لم يكن مرجع البلاغة الاحتراز المذكور لجاز حصول البلاغة بدون الاحتراز اى مع الخطأ فى التأدية فلا يكون مطابقا لمقتضى الحال فلا يكون بليغا وقد فرضناه بليغا هذا خلف وكذا العبارة الثانية فتدبر فانه قد زل فيه الاقدام (قوله وفساده واضح) لان الاحتراز مثلا انما يصلح غرضا للعلم بشئ واما كونه غرضا للمطابقة فلا معنى له وكذا التمييز وايضا كلاهما فعل المتكلم فجعلهما غرضا لكون الكلام مطابقا لا معنى له ولو قدر تأليف الكلام فهما ايضا ليسا بغرضين من التألف وانما الغرض افادة المعانى على ما ينبغى كذا نقل عنه (قوله تفيد هذين الامرين) او تتوقف عليهما لانه يستفاد من التعريف ان بلاعة المتكلم سبب التأليف الكلام البليغ مفيدة له والتأليف يحصل بالاحتراز عن الخطأ فى تأدية المعانى المرادة من ذلك الكلام وتمييز الفصيح عن غيره فيكون البلاغة مفيدة لهما وايضا انها ملكة ومعلوم ان ملكة كل علم تحصيل بممارسته ومزاولته اذا لم يكن جبليا فملكة الاقتدار على التأليف
__________________
(٧) حتى يقال فكيف يصح قوله الآتى وما يحترز به عن الاول فهو علم المعانى م