ما هو مطابق للواقع دون الاعتقاد كذبا وانما الكذب هو ما لا يطابق الواقع ولا الاعتقاد فخبر المنافقين بهذا التفسير واسطة لا صدق ولا كذب ثم اخترع مذهبا آخر ونفى الواسطة فزعم انه المشهور مع انه لا ذكر له فى كلام القوم وهو ان الخبر ان طابق الواقع والاعتقاد فصدق والا فكذب ثم قال وههنا مذهب آخر فى غاية السخافة وهو ان الخبر ان طابق الاعتقاد فصدق والا فكذب واطلاق المصنف رحمه الله الحكم وسياق كلامه يدلان على انه يريد هذا المذهب انتهى اقول وبالله التوفيق فى الجواب عن الاول ان العلامة رحمه الله لم يجعل الحكم اشارة الى الحكم المعهود حتى يلزم تخالف المرجع والراجع بل قيد الحكم فى المرجع بالمطابق وفى الراجع بغير المطابق كيف وقد وقع مثل ذلك من الشارح رحمه الله ايضا فى بيان قوله مطابقته للواقع مع الاعتقاد الخ كما مر وعن الثانى ان معنى قوله سواء كان الاعتقاد خطأ او صوابا انه لا يعتبر فى الصدق والكذب كون الاعتقاد خطأ او صوابا وان كان يتحقق كونه صوابا فيهما وفائدة التعميم تظهر فى الاقسام الاربعة التى هى واسطة بينهما وعن الثالث انه لم يجعل الآية دليلا على هذا المذهب حتى يقال انه لا يلايمه بل فرع احتياجه الى التأويل على مذهب الجمهور حيث قال لكن تكذيبنا لليهودى مثلا اذا قال الاسلام باطل وتصديقنا له اذا قال الاسلام حق ينحيان بالقلع على هذا البناء ويستوجبان اى تصديقنا وتكذيبنا طلب تأويل لقوله تعالى (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ) الخ وذلك لان الله تعالى سماهم كاذبين فى قولهم انك لرسول الله مع كونه مطابقا للواقع لعدم اعتقادهم ذلك ولو كانت المطابقة للواقع كافية فى الحكم بالصدق لكان تسميتهم كاذبين لا على ما ينبغى واما قوله ثم اخترع مذهبا آخر فمن عدم التتبع فان هذا المذهب مختار الراغب كما حققه فى تفسيره ونقله الطيبى فى شرح الكشاف رحمه الله فى تفسير سورة المنافقين والقاضى رحمه الله فى تفسير قوله تعالى (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) واما قوله وزعم انه المشهور ففرية بلامرية فانه قال هكذا نقل هذا الحصر فى جميع الكتب المشهورة ولم يقل انه المشهور فان قلت لم حمل عبارة المفتاح اولا على مذهب الجاحظ مع احتياجه الى تقييد الحكم ومخالفته لظاهر التعميم وحمله على مذهب النظام ثانيا مع ظهوره قلت لكونه فى غاية السخافة كما اشار اليه ولمناسبته الدليل الذى ذكره السكاكى رحمه الله بعده حيث (قال بناء على دعوى تبرء المخبر عن الكذب متى ظهر خبره بخلاف الواقع واحتجاجه لها بان لم يتكلم بخلاف الاعتقاد او الظن) اى احتجاجه لدعوى التبرء بانه لم يتكلم على خلاف الواقع