تفعل. وإنما قال : (وَضائِقٌ) ولم يقل وضيق (بِهِ صَدْرُكَ) دلالة على أنه ضيق حادث لأنه صلىاللهعليهوسلم كان أفسح الناس صدرا. ومعنى (أَنْ يَقُولُوا) مخافة أن يقولوا : (لَوْ لا أُنْزِلَ) أي هلا أنزل عليه ما اقترحنا نحن من الكنز والملائكة ولم أنزل عليه ما لا نريده ولا نقترحه. ثم بين أن حاله مقصور على النذارة لا يتخطاها الى إنزال المقترحات ، والذي أرسله هو القادر على ذلك حفيظ عليه وعلى كل شيء ، ومن كمال قدرته إنزال القرآن المعجز لدهماء المصاقع وأشار إلى ذلك بقوله : (أَمْ يَقُولُونَ) الآية. وقد مر مثله في سورة يونس. عن ابن عباس : السور العشر هي من أول القرآن إلى هاهنا. واعترض عليه بأن هذه السورة مكية وبعض السور المتقدمة عليها مدنية ، فكيف يمكن أن يشار إلى ما ليس بمنزل بعد. فالأولى أن يقال : إن التحدي وقع بمطلق السور التي تظهر فيها قوة ترتيب الكلام وتأليفه. تحداهم أوّلا بمجموع القرآن في قوله : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ) [الإسراء : ٨٨] الآية. وبعشر سور في هذه الآية وذلك أن العشرة أول عقد من العقود ، ثم بسورة في يونس وفي البقرة ، وهذا كما يقول الرجل لصاحبه : اكتب كمثل ما أكتب فإذا عجز قال : اكتب عشرة أسطر مثل ما أكتب ، فإذا ظهر عجزه عنه قال في آخر الأمر : قد اقتصرت منك على سطر واحد مثله ، ثم إذا أراد غاية المبالغة قال : قد جوزت لك أن تستعين بكل من تريد فإذا ظهر عجزه حال الانفراد وحال الاجتماع والتعاون تبين عجزه عن المعارضة على الإطلاق ولهذا قال : (فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا) إلى معارضة القرآن أو إلى الإيمان (لَكُمْ) أي لك وللمؤمنين لأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين كانوا يتحدّونهم ، أو الجمع لتعظيم رسول الله صلىاللهعليهوسلم (فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ) أي ملتبسا بما لا يعلمه إلا الله من النظم المعجز والاشتمال على العلوم الجمة الظاهرة والغائبة. ومعنى الأمر راجع إلى الثبات أي اثبتوا على ما أنتم عليه من العلم واليقين بشأن القرآن ودوموا على التوحيد الذي استفدتم من القرآن أو دلكم على ذلك عجز آلهتهم عن المعارضة والإعانة. ثم ختم الآية بقوله : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) وفيه نوع من التهديد كأنه قيل للمسلمين إذا تبينتم صدق قول محمد صلىاللهعليهوسلم وازددتم بصيرة وطمأنينة وجب عليكم الزيادة في الإخلاص والطاعة. وتفسير آخر وهو أن يكون الضمير في (فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا) لمن في (مَنِ اسْتَطَعْتُمْ) والخطاب في (لَكُمْ) للمشركين ، وكذا في قوله : (فَاعْلَمُوا) وفي (أَنْتُمْ) والمعنى فإن لم يستجب لكم من تدعونه إلى المظاهرة لعلمهم بالعجز عنه فاعلموا أنه منزل من عند الله وأن توحيده واجب. ثم رغبهم في أصل الإسلام وهددهم على تركه بقوله : (فَهَلْ أَنْتُمْ) بعد لزوم الحجة (مُسْلِمُونَ) ثم أوعد من كانت