واحد. وعن ابن الأعرابي : الصنو المثل ومنه قوله صلىاللهعليهوسلم : «عم الرجل صنو أبيه» (١). فمعنى الآية على هذا أن أشجار النخيل قد تكون متماثلة وقد لا تكون ، والأكل الثمر الذي يؤكل. قاله الزجاج. وعن غيره أنه عام في جميع المطعومات. وإنما ختم الآية السابقة بقوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) وهذه بقوله : (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) لأن المقام الأوّل يحتاج إلى التفكر لأن الفلاسفة يسندون الحوادث السفلية إلى الآباء الأثيرية والأمهات العنصرية ، لكن العاقل إذا تفكر في اختصاص كل ممتزج بحيز معين وشكل معين وطبيعة وخاصية مخالفتين لغيره علم أن كل هذه الاختلافات لا تستند إلى أشعة كواكب معدودة ولا إلى طبائع عناصر محصورة كما أشير إلى ذلك بقوله : (وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ) الآية. ولئن سلم أن الاتصالات الفلكية واختلافات الفواعل والقوابل قد ترتقي إلى حد يظهر منها هذه الآثار فلا بد لكل سبب من الانتهاء إلى مسبب لا سبب فوقه وليس ذلك إلا الله وحده ، فهذا مقام لا يجحده إلا عادم عقل بل فاقد حس. والحاصل أن التفكر في الآيات يوجب عقلية ما جعلت الآيات دليلا عليه فهو الأوّل المؤدي إلى الثاني والله ولي التوفيق.
ثم عاد سبحانه إلى ذكر المعاد فقال : (وَإِنْ تَعْجَبْ) قال ابن عباس : إن تعجب يا محمد من تكذيبهم إياك بعد ما كانوا حكموا أنك من الصادقين ، فهذا أعجب. أو إن تعجب من عبادتهم الأصنام بعد الدلائل الدالة على التوحيد ، أو إن تعجب يا محمد فقد عجبت في موضع العجب لأنهم اعترفوا بأنه تعالى رفع السموات بغير عمد وسخر الشمس والقمر على وفق مصالح العباد وأظهر الغرائب والعجائب في عالم الخلق ، ثم أنكروا الإعادة التي هي أهون وأسهل. قال المتكلمون : موضع العجب هو الذي لا يعرف سببه وذلك في حقه تعالى محال ، فالمراد وإن تعجب (فَعَجَبٌ) عندك (قَوْلُهُمْ) وإن سلم أن المراد عجب عند الله كما قرىء في الصافات (بَلْ عَجِبْتَ) [الصافات : ١٢] بضم التاء فتأويله أنه محمول على النهاية لا على البداية أي منكر عند الله ما قالوه فإن الإنسان إذا تعجب من شيء أنكره. قال في الكشاف (أَإِذا كُنَّا) إلى آخر قولهم ، يجوز أن يكون في محل الرفع بدلا من قولهم ، وأن يكون منصوبا بالقول. وإذا نصب بما دل عليه قوله : (أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) وهو نبعث أو نحشر. ثم حكم عليهم بأمور ثلاثة : الأول (أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ) يعني أولئك الكاملون المتمادون في كفرهم وذلك أن إنكار البعث لا
__________________
(١) رواه مسلم في كتاب الزكاة حديث : ١١. أبو داود في كتاب الزكاة باب : ٢٢. الترمذي في كتاب المناقب باب : ٢٨. أحمد في مسنده (١ / ٩٤) ، (٢ / ٣٢٢).