كما يقال رامح أي ذو رمح ـ ولابن وتامر أي ذو لبن وذو تمر. وقيل : إن الريح في نفسها لاقح أي حالة للسحاب أو للماء من قوله تعالى : (حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً) [الأعراف : ٥٧] أو حاملة للخير والرزق كما قيل لضدها الريح العقيم (فَأَسْقَيْناكُمُوهُ) أي جعلناه لكم سقيا قال أبو عليّ : يقال سقيته الماء إذا أعطاه قدر ما يروى ، وأسقيته نهرا أي جعلته شربا له. والذي يؤكد هذا اختلاف القراء في قوله : (نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ) [النحل : ٦٦] ولم يختلفوا في قوله : (وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً) [الدهر : ٢١] ويقال : سقيته لشفته وأسقيته لماشيته وأرضه. (وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ) نفى عنهم ما أثبته لنفسه في قوله (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ) أي نحن الخازنون للماء لا أنتم أراد عظيم قدرته وعجز من سواه الدليل السابع : قوله (وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ) والغرض الاستدلال بانحصار الإحياء والإماتة فيه على أنه واحد في ملكه. قال أكثر المفسرين : إنه وصف النبات فيما قبل فهذا الإحياء مختص بالحيوان ، ومنهم من يحمله على القدر المشترك بين إحياء النبات وبين إحياء الحيوان (وَنَحْنُ الْوارِثُونَ) مجاز عن بقائه بعد هلاك ما عداه كما مر في آخر «آل عمران» في قوله : (وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [الآية : ١٨٠] قوله : (وَلَقَدْ عَلِمْنَا) عن ابن عباس في رواية عطاء (الْمُسْتَقْدِمِينَ) يريد أهل طاعة الله ، والمستأخرين يريد المتخلفين عن طاعته. ويروى أنه صلىاللهعليهوسلم رغب الناس في الصف الأول في الجماعة فازدحم الناس عليه فأنزل الله الآية. والمعنى إنا نجزيهم على قدر نياتهم. وقال الضحاك ومقاتل : يعني في صف القتال. وقال ابن عباس في رواية أبي الجوزاء : كانت امرأة حسناء تصلي خلف رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكان قوم يتقدمون إلى الصف الأول لئلا يروها ، وآخرون يتخلفون ويتأخرون ليروها ، وكان قوم إذا ركعوا جافوا أيديهم لينظروا من تحت آباطهم فنزلت. وقيل : المستقدمون هم الأموات والمستأخرون هم الأحياء. وهذا القول شديد المناسبة لما قبل الآية ولما بعدها. وقيل : المستقدمون هم الأمم السالفة والمستأخرون هم أمة محمد صلىاللهعليهوسلم. وقال عكرمة : المستقدمون من خلق ، والمستأخرون من لم يخلق بعد. والظاهر العموم وأن علمه تعالى شامل لجميع الذوات والأحوال الماضية والمستقبلة فلا ينبغي أن تخص الآية بحالة دون أخرى. ثم نبه على أن الحشر والنشر أمر واجب ولا يقدر على ذلك أحد إلا هو فقال : (وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) فلحكمته بني أمر العباد على التكليف والجزاء ، ولعلمه قدر على توفية مقادير الجزاء.
الدليل الثامن : الاستدلال على خلق الإنسان خاصة وذلك أنه لا بد من انتهاء الناس