النفس وتتبع هواها. (وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ) الروح (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ) وهم القلب وصفاته والسر والنفس وصفاتها والبدن وجوارحه (إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ) من خواص العباد وهم القلب وصفاتها والسر وصفات النفس والبدن وجوارحه. فأما النفس فإنها لا تؤمن أبدا اللهم إلا نفوس الأنبياء وخواص الأولياء فإنها تسلم أحيانا دون الإيمان (فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ) لأن أعمال الشر لنفوس السعداء كالجسد للإكسير ينقلب ذهبا مقبولا عند طرح الروح عليها ، فكذلك تنقلب أعمال الشر خيرا عند طرح التوبة عليها (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) ولا تبتئس على نفوس الأشقياء لأن أعمالها حجة الله على شقاوتهم ، وبتلك السلاسل يسحبون في النار على وجوههم (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ) اتخذ يا نوح الروح سفينة الشريعة بنظرنا لا بنظرك فإن نظرك تبع الحواس يبصر ظاهرها ويغفل عن أسرارها (وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا) فإن الظلم من شيم النفوس (إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) في بحر الدنيا وشهواتها. (وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ) هم النفس وهواها وصفاتها (تَسْخَرُونَ) من استعمال أركان الشريعة إذ لم يفهموا حقائقها (حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا) وهو حد البلوغ والركوب في سفينة الشريعة (وَفارَ) ماء الشهوة من تنور القالب (قُلْنَا احْمِلْ) في سفينة الشريعة من كل صفة وزوجها : كالشهوة وزوجها العفة ، والحرص وزوجها القناعة ، والبخل وزوجها السخاء ، والغضب وزوجها الحلم ، وكذا الحقد مع السلامة ، والعداوة مع المحبة ، والكبر مع التواضع ، والتأني مع العجلة (وَأَهْلَكَ) وهم صفات الروح لا النفس (وَمَنْ آمَنَ) وهم القلب والسر. وفي قوله تعالى : (وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ) إشارة إلى أن من ركب سفينة الشرع بالطبع وتقليد الآباء والمعلمين لم يحصل له النجاة الحقيقية كما ركب إبليس بالطبع في سفينة نوح وإنما النجاة لمن ركب بأمر الله وذكره مجراها من الله ومرساها إلى الله كقوله : (وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى) [النجم : ٤٢] (فِي مَوْجٍ) من الفتن (كَالْجِبالِ وَنادى نُوحٌ) الروح (ابْنَهُ) كنعان النفس المتولد بينه وبين القالب (وَكانَ فِي مَعْزِلٍ) من معرفة الله وطلبه (سَآوِي إِلى جَبَلٍ) العقل (يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ) الفتن (لا عاصِمَ الْيَوْمَ) أي إذا نبع ماء الشهوات من أرض البشرية ونزل ماء ملاذ الدنيا وزينتها من سماء القضاء فلا يتخلص منه إلا من يرحمهالله بالاعتصام بسفينة الشريعة (ابْلَعِي) ماء شهواتك (أَقْلِعِي) عن إنزال مطر الآفات (وَغِيضَ) ماء الفتن ببركة الشرع (وَقُضِيَ الْأَمْرُ) ما كان مقدرا من طوفان الفتن للابتلاء والتربية ، (وَاسْتَوَتْ) سفينة الشريعة (عَلَى الْجُودِيِ) وهو مقام التمكين بعد مقامات التلوين (وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُ) وهو ما وعد نوح الروح عند إهباطه إلى العالم السفلي من الرجوع إلى العالم العلوي : (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) وكان للروح أربعة بنين : ثلاثة من المؤمنين وهم القلب والسر والعقل ، وواحد