رجع عن إنانيته إلى هوية الحق (وَعَمِلَ صالِحاً) بالدوام على هذه الحالة (فَإِنَّهُ يَتُوبُ) يرجع (إِلَى اللهِ مَتاباً) لا مزيد عليه وهو جذبة (ارْجِعِي) [الفجر : ٢٨] وحينئذ لا يشهد الزور أي لا يساكن غير الحق. (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ) وهو ما سوى الحق لا يلتفت إليه. وإذا ذكر بآيات ربه تأمل فيها حق التأمل ودعا الله بأن يهب له من ازدواج الروح والجسد ومتولداتهما من القلب والنفس وملكات الأعمال الصالحة ما تقر به عين القلب وعين السر وعين الروح أي يتنور بنورها ، ويصير إذ ذاك مقتدى للمتقين لمتقي الجسد من مخالفات الشريعة ، ولمتقي النفس من الأوصاف الذميمة ، ولمتقي الروح عما سوى الله ، فيجزى الغرفة في مقام العندية بما صبر في البداية على التكاليف الشرعية ، وفي الوسط على تبديل الأخلاق الحميدة بالذميمة ، وفي النهاية بإفناء الوجود. ثم أخبر عن استغنائه عن وجود الخلق وعدمهم لو لا دعاؤهم إياه بلسان الحاجة في حس العدم ، أو لو لا دعاؤه إياهم في الأزل بلسان القدرة (فَقَدْ كَذَّبْتُمْ) حين ادعيتم الغنى عن الصانع (فَسَوْفَ يَكُونُ) خسران السعادة الأبدية لازما لكم أعاذنا الله منه.