الصوت على الأمر بالقصد في المشي ، أن الحيوان يتوصل إلى مطلوبه بالمشي فإن عجز عن ذلك فبالتصويت والنداء كالغنم تطلب السخلة ، ومنها أن الإنسان له عقيدة ولسان وجوارح يتحرك بها كسائر الحيوانات فأشار إلى الأولى بقوله (إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ) أي أصلح ضميرك فإن الله خبير ، وأشار إلى التوسط في أفعال الجوارح بقوله (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) وإلى التوسط في الأقوال بقوله (اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ) أو نقول : أشار بقوله (أَقِمِ الصَّلاةَ) إلى الأوصاف الملكية التي يجب أن تكون في الإنسان ، وبقوله (وَأْمُرْ) إلى قوله (مَرَحاً) إلى الأوصاف الفاضلة الإنسانية ، وبقوله (وَاقْصِدْ وَاغْضُضْ) إلى الأوصاف التي يشارك فيها الإنسان سائر الحيوان والله تعالى أعلم.
التأويل : (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) هي للعوام مقادير معينة من المال كربع العشر من عشرين ، وللخواص إخراج كل المال في سبيل الله ، ولأخص الخواص بذل الوجود لنيل المقصود (لَهْوَ الْحَدِيثِ) قال الجنيد : السماع على أهل النفوس حرام لبقاء نفوسهم ، وعلى أهل القلوب مباح لوفور علومهم وصفاء قلوبهم ، وعلى أصحابنا واجب لفناء حظوظهم. (وَإِذْ قالَ لُقْمانُ) القلب (لِابْنِهِ) السر المتولد من ازدواج الروح والقلب (وَهُوَ يَعِظُهُ) أن لا يتصف بصفات النفس العابدة للشيطان والهوى والدنيا (فِي عامَيْنِ) يريد فطامه عن مألوفات الدارين (وَإِنْ جاهَداكَ) فيه أن السر لا ينبغي له أن يلتفت إلى الروح أو القلب إذا اشتغلا بغير الله في أوقات الفترات ، فإن الروح قد يميل إلى مجانسه من الروحانيات ، والقلب يميل تارة إلى الروح ، وأخرى إلى النفس ولكنه يرجى الصلاة بعد الفترة ، وأما السر فإذا زال عن طبيعته وهو الإخلاص في التوحيد فإصلاح حاله ممكن بعيد. (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَ) وهو الخفي. (إِنَّها إِنْ تَكُ) يعني القسمة الأزلية من السعادة وضدها (لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) قالوا : هو الصوفي يتكلم قبل أوانه.
(أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ (٢٠) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (٢١) وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (٢٢) وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٢٣) نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ (٢٤) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٥) لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٦) وَلَوْ أَنَّ ما فِي