تعجبك ، أو عجبت من القرآن حين أعطيته ويسخر أهل الكفر منه. ومن قرأ بالضم فأورد عليه أن التعجب على الله غير جائز لأنه روعة تعتري الشخص عند استعظام الشيء. وقيل : هذه حالة تحصل عند الجهل بصفة الشيء. وأجيب بأن معناه : قل يا محمد بل عجبت. سلمنا لكن العجب هو أن يرى الإنسان ما ينكره الكافر والإنكار من الله تعالى غير منكر. سلمنا لكن هذه الألفاظ في حقه تعالى محمولة على النهايات كالمكر والاستهزاء والمعنى : بلغ من عظم آياتي وكثرة خلائقي أني استعظمتها فكيف بعبادي وهؤلاء بجهلهم وعنادهم يسخرون منها ، أو استعظمت إنكارهم البعث ممن هذه أفعاله وهم يسخرون ممن يصف الله تعالى بالقدرة عليه نظيره الآية (وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ) [الرعد : ٥]. عند من يرى أن العجب من الله. وقد جاء في الحديث «يعجب ربك من الشاب ليس له صبوة». وقال أيضا : «عجب ربكم من ألكم وقنوطكم وسرعة إجابته». والألّ التضرع. ثم حكى عنهم أنه كما أن دأبهم السخرية عند إيراد البراهين فكذلك دأبهم أنهم إذا وعظوا لا يتعظون.
(وَإِذا رَأَوْا آيَةً) بينة كانشقاق القمر وغيره من المعجزات (يَسْتَسْخِرُونَ) يبالغون في السخرية أو يستدعي بعضهم من بعض أن يسخر منها ونسبوا ما رأوه إلى السحر. فالحاصل أنه لا تفيد معهم البراهين الضرورية ولا المقدمات الوعظية ولا المعجزات الدالة على صدق إخبارك بالبعث. قوله (أَوَآباؤُنَا) من قرأ بسكون الواو فمعطوف على محل اسم «أن» ، ومن قرأ بفتحها فعليه ، أو على الضمير في (لَمَبْعُوثُونَ) وحسن الفصل بهمزة الاستفهام والمعنى : أيبعث أيضا آباؤنا؟ يعنون أنهم أقدم فبعثهم أبعد. وعلى الأوّل أرادوا إنكار أن يبعث واحد منهم أو من آبائهم فأرغمهم الله سبحانه بقوله (قُلْ نَعَمْ) تبعثون (وَأَنْتُمْ داخِرُونَ) صاغرون أذلاء. وإذا كان كذلك (فَإِنَّما هِيَ) أي البعثة أو هو مبهم يوضحه خبره (زَجْرَةٌ) واحدة يعني صيحة النفخة الثانية (فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ) أراد أنهم أحياء بصراء أو أراد أنهم ينظرون أمر الله فيهم. (وَقالُوا يا وَيْلَنا) الظاهر أن كلامهم يتم عند قوله (تُكَذِّبُونَ) يقوله الكفرة فيما بينهم. وقيل : إن كلامهم يتم عند قوله (يا وَيْلَنا) ثم قال الله أو الملائكة (هذا يَوْمُ الدِّينِ) الجزاء والحساب (هذا يَوْمُ الْفَصْلِ) القضاء والفرق بين المحسن والمسيء (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا) بالكفر أو بالفسق يعني رؤساءهم. وهذا الحشر بمعنى الجمع لأنه بعد البعث أي اجمعوهم (وَأَزْواجَهُمْ) أي أشكالهم الذين على دينهم وسيرتهم ؛ الزاني مع الزاني ، والسارق مع السارق ، والشارب مع الشارب. وقيل : قرناءهم من الشياطين. وقيل : نساءهم اللاتي على ملتهم. (وَما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) من الأصنام (فَاهْدُوهُمْ) ادعوهم أو قدموهم والسابق يسمى الهادي أو دلوهم (إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) وسطها أو طريقها لأنه قال