ابن الذبيحين» فأحدهما جده إسماعيل والآخر أبوه عبد الله. وذلك أن عبد المطلب نذر إن بلغ بنوه عشرة أن يذبح واحدا منهم تقربا ، فلما كملوا عشرة أتى بهم البيت وضرب عليهم بالقداح فخرج قدح عبد الله فمنعه أخواله ففداه بعشرة من الإبل ، ثم ضرب عليه وعلى الإبل فخرج قدحه ففداه بعشرة أخرى ، وضرب مرة أخرى فخرج قدحه وهكذا يزيد عشرة عشرة إلى أن تمت مائة فخرج القدح على الجزر فنحرها وسن الدية مائة. وفي رواية أن أعرابيا قال للنبي صلىاللهعليهوسلم «يا ابن الذبيحين». فتبسم فسأل عن ذلك فقال : إن عبد المطلب لما حفر بئر زمزم نذر لله لئن سهل الله له أمرها ليذبحن أحد ولده. فخرج السهم على عبد الله فمنعوه ففداه بمائة من الإبل. حجة أخرى : نقل عن الأصمعي أنه قال : سألت أبا عمرو بن العلاء عن الذبيح فقال : يا أصمعي أين عقلك؟ ومتى كان إسحق بمكة وإنما كان إسماعيل وهو الذي بنى البيت مع أبيه وسن النحر بمكة. وحجة أخرى : وصف إسماعيل بالصبر في قوله (وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ) [الأنبياء : ٨٥] وهو صبره على الذبح في قوله (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) ووصفه بصدق الوعد (إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ) [مريم : ٥٤] وذلك أنه وعد أباه الصبر على قضاء الله أو على الذبح فوفى به. أخرى : (وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) [مريم : ٥٤] فيمن قرأ بالنصب لأنه إذا بشر بالولد من صلبه علم أنه لم يؤمر بذبحه. أخرى : أجمعوا على أن إسماعيل مقدم في الوجود على إسحق فهو المراد بقوله (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) ثم إنه ذكر عقيبة قصة الذبح. وأيضا قوله (وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ) يجب أن يكون غير قوله (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) وإلا لزم التكرار. حجة أخرى : ان قرني الكبش كانا ميراثا لولد إسماعيل عن أبيهم وكانا معلقين بالكعبة إلى أن احترق البيت في أيام ابن الزبير والحجاج. وعن علي وابن مسعود وكعب الأحبار وإليه ذهب أهل الكتاب أن الذبيح إسحق لما روي أن النبي صلىاللهعليهوسلم سئل أي النسب أشرف؟ فقال : يوسف صديق الله ابن يعقوب إسرائيل الله ابن إسحق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله. وأجابوا عن قوله : (وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ) أنه بشر بغلام أوّلا ثم بنبوته ثانيا. وأيضا صرح بالمبشر به في قوله (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ) [هود : ٧١] وفي قوله (وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ) فيحمل عليه المبهم في قوله (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ) وأيضا لا نسلم أن البشارة بيعقوب كانت متصلة ببشارة إسحق اعتبارا بقراءة من قرأ يعقوب [هود : ١٧] بالرفع. وأيضا أنهم أجمعوا على أن المراد من قوله (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي) هو مهاجرته إلى الشام ثم قال (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ) فوجب أن يكون الغلام الحليم قد حصل له في الشام وذلك الغلام لم يكن إلا إسحق ، لأن إسماعيل قد نشأ بمكة. وكان الزجاج يقول : الله أعلم أيهما الذبيح. ويتفرع على اختلاف المفسرين في الذبيح اختلافهم في موضع الذبح ، فالذين قالوا إن الذبيح إسماعيل ذهبوا إلى أن الذبح كان