أكبر اللهم منك وإليك» وتستقبل القبلة. وزاد الكلبي «إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين». قال القفال : كأن المتقرب بها وبإراقة دمائها متصور بصورة من يفدي نفسه بما يعادلها فكأنه يبذل تلك الشاة بذل مهجته طلبا لمرضاة الله واعترافا بأن تقصيره كاد يستحق مهجته. أما قوله (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ) فالبائس الذي أصابه بؤس أي شدة والفقير قد مر في آية الصدقات في «التوبة» وفي غيرها. ثم من الناس من قال : الأمران للوجوب لأن أهل الجاهلية كانوا لا يأكلون منها فأمر المسلمون بمخالفتهم. والأكثرون على أن الأكل ليس بواجب. ثم منهم من قال : يحسن أن يأكل النصف ويتصدق بالنصف رعاية للأمرين. ومنهم من قال : يأكل الثلث ويتصدق بالثلثين لما يجيء من قوله (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) فجعلها على ثلاثة أقسام ومنهم من قال : يأكل الثلث ويدخر الثلث ويتصدق بالثلث لما جاء في الحديث من الأمر بالادخار. والأولى وهو مذهب الشافعي أنه إن أطعم جميعها أجزأه ، وإن أكل جميعها لم يجزئه ، وإذا تصدق بأقل شيء من لحمها يكفي هذا إذا كان متطوعا. وأما الواجبات كالنذور والكفارات وجبران النقصانات مثل دم القران ودم التمتع ودم الإساءة فلا يأكل منها لا هو ولا أغنياء الرفقة ولا فقراؤها لما روي عن هشام بن عروة عن أبيه عن ناجية الخزاعي قال : قلت : يا رسول الله كيف أصنع بما عطب من البدن؟ قال : أنحرها ثم أغمس نعلها في دمها ثم خل بين الناس وبينها يأكلونها. وقال أيضا صلىاللهعليهوسلم في مثله : لا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك. قوله (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) لا يبعد أن يكون معطوفا على (لِيَشْهَدُوا) فإن هذه الأعمال كلها غايات للإتيان إلا أن إسكان هذه اللامات في بعض القراآت يدل على أنها لام الأمر وعلى هذا تكون هذه الأوامر الغائبة معطوفة على الأمرين الحاضرين قبلها والله أعلم. قال أبو عبيدة : لم يجيء في الشعر ما يحتج به في معنى التفث. وقال الزجاج : إن أهل اللغة لا يعرفون التفث إلا من التفسير. وقال القفال : قال نفطويه : سألت أعرابيا فصيحا ما معنى قوله (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ)؟ فقال : ما أفسر القرآن ولكنا نقول للرجل : ما أتفثك وما أدرنك! ثم زعم القفال أن هذا أولى من قول الزجاج لأن المثبت أولى من النافي. وقال المبرد : أصل التفث في كلام العرب كل قاذورة تلحق الإنسان فيجب عليه نقضها. وأجمع أهل التفسير على أن المراد هاهنا إزالة الأوساخ والزوائد كقص الشارب والأظفار ونتف الإبط وحلق العانة. فتقدير الآية ثم ليقضوا إزالة تفثهم وليوفوا نذورهم أي الأعمال التي أوجبها الحج بالشروع فيه ، أو أعمال البر التي أوجبوها على أنفسهم بالنذر فإن الرجل إذا حج أو اعتمر فقد يوجب على نفسه من الهدي وغيره ما لو لا إيجابه لم يكن الحج يقتضيه. (وَلْيَطَّوَّفُوا) هو طواف الإفاضة والزيارة