وهذا القدر هو ما أدركه ذهني ، ويمكن أن يتمم بكلام أكثر من هذا ، إلا أن المطلوب هو ذلك.
(١٠٩٢) الشيء يقارن الشيء على أنه (٢٨٤) يؤثر فيه. ومعنى ذلك أنه يحدث فيه من المقارن ما لا يمكن أن يعدم إلا ويعدم معه المقارن ، كالسواد مع المقدار ؛ فإنه لا يصح أن يعدم المقدار ، والسواد يبقى بعده ، ومثل (٢٨٥) هذا الشيء لا يصح أن يكون معقولا ، فإن المعقول هو أن يدرك الشيء وحده من بعد مقارنة (٢٨٦). وهذا إنما يمكن أن يكون إذا قارن المعقول العقل مقارنة لا تؤثر فيه ولا تزيد على معنى المقارنة ، وإلا وجب ما يجب في مقارنة الجسم والمقدار ، والمادة (٢٨٧) تعقل مجردة عما سواها (٢٨٨) كالوضع والمقدار. ولما لم يصح وجودها إلا مع هذين وكان يعدم بعدمهما (٢٨٩) ، لم يصح أن تكون عاقلة لذاتها. والوضع يعقل مجردا ، فإن وجد لم يصح وجوده إلا أن يكون مقارنا للمادة المقارنة المؤثرة ، وكذلك المقدار.
فيحصل من هذا أن كل شيء غريب عن الآخر (٢٩٠) إنما يعرض له بواسطة قابل ؛ والقابل هو المادة ولما كان المعقول هو المجرد عما سواه ولم يصح وجود شيء في المادة إلا أن يخرج عن حد المعقولية ، وجب أن يكون قابل المعقولات (٢٩١) لا مادة ولا شيئا ماديا ، أعني أن يكون وجود ذلك الشيء في المادة كوجود المقدار أو الوضع (٢٩٢). فإن كان مقارنة هذا القابل للمادة على الوجه الثاني. أعني أنه (٢٩٣) لا تؤثر فيه المادة التأثير المذكور. صحّ أن يكون عللا (٢٩٤) للمعقولات ، وصح أنه يعقل ذاته مجملا ، أعني مع المشخص ، ومفصّلا ، أعني من دون العارض المشخّص ، إذ لم تكن مقارنة العارض له مقارنة تزيد (٢٩٥) فيه ؛ وإذا لم يكن مؤثرا
__________________
(٢٨٤) لر : أن.
(٢٨٥) لر : ومثال هذا الشيء أن لا يصح.
(٢٨٦) لر : ومن دون مقارنة.
(٢٨٧) لر : فالمادة.
(٢٨٨) لر : سواه. (٢٨٩) لر : بعدمها.
(٢٩٠) لر : الاجزاء. (٢٩١) لر : قابلا للمعقولات.
(٢٩٢) لر : الا ان الوضع.
(٢٩٣) لر : لانه.
(٢٩٤) لر : قابلا.
(٢٩٥) لر : يؤثر.