الدعوة عمن قوبل بها وعرفها. وإن اقتضت المصلحة المهادنة جاز ، لكن لا يتولّاها إلّا الإمام أو من يأذن له ويذم الواحد من المسلمين للواحد ، ويمضى ذمامه على الجماعة ، ولو كان أدونهم. ومن دخل بشبهة الأمان فهو آمن حتى يردّ إلى مأمنه. لو استذم ، فقيل : لا نذم ، فظنّ أنهم أذنوا فدخل وجب إعادته إلى مأمنه نظرا في الشبهة ولا يجوز الفرار إذا كان العدوّ على الضعف أو أقلّ ، إلا لمتحرّف أو متحيّز الى فئة ولو غلب على الظن العطب على الأظهر (١) ولو كان أكثر جاز. ويجوز المحاربة بكل ما يرجى به الفتح : كهدم الحصون ورمي المتاحيق ولا يضمن بذلك المسلمين بينهم.
______________________________________________________
قال طاب ثراه : ولا يجوز الفرار إذا كان العدو على الضعف أو أقل إلّا لمتحرّف أو متحيز الى فئة ولو غلب على الظن العطب على الأظهر.
أقول : منع في المبسوط من الفرار (١) لقوله تعالى (إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا) (٢) وهو اختيار المصنف (٣) وقيل : يجوز واختاره العلامة في المختلف (٤) لما فيه من حفظ النفس ، وقال تعالى (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (٥) والأول هو الوجه ، لأنّ وضع الجهاد مبني على بذل النفس ، قال تعالى (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ
__________________
(١) المبسوط : ج ٢ أصناف الكفار وكيفية قتالهم ص ١٠ س ١٢ قال : فان انصرف على غير هذين الوجهين كان قارّا وفسق بذلك وارتكب كبيرة وإذا ثبت على ظنه انه إذا ثبت قتل وهلك ، فالأولى أن نقول : ليس له ذلك إلخ.
(٢) الأنفال : ٤٥.
(٣) لاحظ عبارة المختصر النافع.
(٤) المختلف : في كيفية الجهاد ، ص ١٥٥ س ١٦ قال : وقيل : انه يجوز له الانصراف الى أن قال : والأقرب عندي الأخير.
(٥) البقرة : ١٩٥.