عن ذلك ، فإنّ الظاهر أنّ الآية على نسقٍ واحد عن آخرها.
وهذا هو الجواب ، لا أنّ حرمة الإرادة لا تنافي وجوب التيمّم حين الإرادة. ولا ما يقال : إنّ الإرادة أعمّ من المتّصلة ، ولا مانع في أوّل الوقت عن إرادة الصلاة في آخر الوقت ، لأنّ المتبادر من قوله (إِذا قُمْتُمْ) هو مجاز المشارفة. وإن لم يجعل من مدخولات (إِذا قُمْتُمْ) فالأمر أوضح. وكذلك الآية الأُخرى (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) (١) الآية.
نعم يبقى الكلام في صدق قوله تعالى (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) مع رجاء الحصول ، وقد أشرنا سابقاً إلى أنّه في صورة العلم بالتمكّن في الوقت لا يجوز التيمّم ، وكذا في صورة الظنّ.
والإشكال في صدق عدم الوجدان في غير (٢) صورة العلم بعدم التمكّن أيضاً ، وأنّ كلامهم في ذلك غير محرر ، وكذلك ههنا لم يبيّنوا الإجمال ، ولم يحقّقوا المقال.
والظاهر أنّ كلامهم هذا مسبوق بكلامهم ثَمّة ، وأنّ هذا فيما لم يبقَ علم ولا ظنّ بوجود الماء ، فالمشهور يؤخّرون إلى آخر الوقت مع إمكان حصول القدرة وعدمه ، والموسّعون يتيمّمون في أوّل الوقت ، وإن أمكن حصول الماء.
وأما ابن الجنيد فيؤخّر مع إمكان الحصول ويقدم مع عدمه بأن يعلم عدمه ، وأما ظنّ العدم فهو وإن كان داخلاً في إمكان حصول الماء ، لكن ابن الجنيد ألحق الظنّ الغالب بالعلم بالعدم (٣).
وأما العلامة ، فلم يذكر الظنّ ، فراعى نفس الإمكان (٤) ، وهو الصواب ، وحينئذٍ
__________________
(١) النساء : ٤٣.
(٢) غير ليست في «ز».
(٣) فإنّه قال : إن وقع اليقين بفوت الماء إلى آخر الوقت أو غلب الظنّ فالتيمّم في أوّل الوقت أحبّ إليّ. المختلف ١ : ٤١٤.
(٤) المختلف ١ : ٤١٥.