وجوب الوضوء.
وقيل : إن علم بالحالة السابقة فيأخذ بضدّها ، لأنّها إن كانت طهارة فقد ارتفعت بالحدث جزماً فيستصحب الحدث لأنّه يقينيّ ، وإن كانت حدثاً فقد ارتفع بالطهارة فتستصحب لأنّها يقينيّة (١).
وفيه : أنّ الطهارة أيضاً يقينيّة في الاولى ، والحدث يقينيّ أيضاً (٢) في الثانية ، فلا مرجّح لاستصحاب أحدهما دون الأخر ، لتساوي احتمالي تعاقب الحدثين أو الطهارتين مع عدمه ، وارتفاع الحالة الاولى لا يستلزم ارتفاع مثلها في اللاحق.
وقيل : يأخذ بمثل الحالة السّابقة ، وربّما يوجّه ذلك بتعارض الحدث والطهارة فيتساقطان ، فتبقى الحالة الأُولى سالمة. وهو كما ترى.
واختار العلامة هذا المسلك (٣) ، لكنّه أخرجه عن المسألة المفروضة ، واشترط اتّحادهما في العدد ، واعتبر في الحدث اللاحق الناقضيّة وفي الطهارة الرافعيّة ، فيرتفع احتمال تعاقب الطهارتين والحدثين ، فالحدث الناقض يرفع الطهارة السابقة لو علم كونها طهارة ، فتكون الطهارة اللاحقة رافعة له ، فهو متطهّر ، والطهارة الرافعة ترفع الحدث السابق لو علم كونها حدثاً ، فالحدث اللاحق ناقض لها ، فهو محدث. وهذه المسألة خارجة عن صورة الشكّ إلّا في بادئ النظر.
ثمّ تصوير احتمال الجهل بالحالة السابقة فرض نادر جدّاً إلّا في بادئ النظر ، وإلّا فهي إما طهارة يقينيّة أو حدث يقيني ، أو مورد أحد المسائل الثلاث ، فيجري فيها حكم أحدها. هذا حكم أصل الوضوء.
وأما لو شكّ في فعل من أفعاله ، فإن كان متشاغلاً بالوضوء فيأتي به وبما بعده بلا خلاف ، للأصل ، ونقل الإجماع ، وصحيحة زرارة في خصوص وجوب إعادة
__________________
(١) الجامع للشرائع : ٣٧ ، المعتبر ١ : ١٧١ ، جامع المقاصد ١ : ٢٣٧.
(٢) في «م» : أيضاً يقيني.
(٣) المختلف ١ : ٣٠٨.