التوسل بأُم البنين عليهاالسلام
من سنن الله الجارية في أوليائه (وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا) (١) إكرامهم باظهار ما لهم من الكرامة عليه والزلفى منه ، وذلك غير ما ادخره لهم من المثوبات الجزيلة في الآجلة ، تقديراً لعملهم واصحاراً بحقيقة أمرهم ومبلغ نفوسهم من القوة وحثاً للملأ على اقتفاء آثارهم في الطاعة ، ومهما كان العبد يخفى الصالحات من أعماله فالمولى سبحانه يراغم ذلك الاخفاء باشهار فضله ، كما يقتضيه لطفه الشامل ورحمته الواسعة وبرّه المتواصل ، وأنّه جلت آلاؤه يظهر الجميل من أفعال العباد ويزوي القبيح رأفة منه وحناناً عليهم.
ومن هذا الباب ما نجده على مشاهد المقربين وقباب المستشهدين في سبيل الله من آثار العظمة وآيات الجلال من إنجاح المتوسل بهم اليه ـ تعالى شأنه ـ وإجابة الدعوات تحت قبابهم المقدسة ، وإزالة المثلات ببركاتهم ، وتتأكد الحالة إذا كان المشهد لأحد المنتسبين للبيت النبوي ؛ لأنه جلت حكمته ذرأ العالمين لأجلهم ؛ ولان يعرفوا مكانتهم فيحتذوا أمثالهم في الأحكام والأخلاق ، فكان من المحتم في باب لطفه وكرمه ـ عظمت نعمه ـ أن يصحر الناس بفضلهم الظاهر.
__________________
(١) سورة فاطر : ٤٣.