أوصاه بأن «لا يهراق في أمره ملء محجمة من دم» ... ولو لا ذاك لانقض أبو الفضل على الحكام وأعوانهم وعائشة ومردتها.
وكان العباس يومها في الرابعة والعشرين من عمره ، وهو يتمتع بكل هذه الهيبة والشجاعة والاقدام.
قاسماً بصارمه الصقيل وإنني |
|
في غير صاعقة السما لا أقسم |
لو لا القضا لمحا الوجود بسيفه |
|
والله يقضي ما يشاء ويحكم |
بقي أبو الفضل العباس خلال فترة «الصلح» مع معاوية ملتزماً بالمعاهدة إطاعة لامامه وامتثالاً لتكليفه ، وكان طيلة فترة حياته مع أخيه حاضراً جاهزاً مطيعاً ممتثلاً لامام زمانه ، ولم يؤثر عنه أنّه خاطبه ولا مرة واحدة بـ «أخي» ، وإنّما كان يخاطبه بـ «مولاي» و «سيدي» ، ولم يؤثر عنه أنّه عبّس وجهه إلا في وجوه الأعداء وكان ينقض كالصقر إذا ما سمع أمراً صادراً من إمامه الحسين عليهالسلام ، فينفذه فوراً ، وكان وفياً له حتى بعد شهادته.
فقد روي : أنّ ملكة الهند توسلت في حاجة لها بأبي الفضل العباس عليهالسلام ونذرت إن قضى الله لها حاجتها أن تطلي منائر الروضة العباسية المباركة بالذهب ، فقضى الله لها حاجتها ببركة أبي الفضل العباس عليهالسلام ، فعزمت على أداء نذرها والوفاء بوعدها ، فشدّت الرحال وتوجهت نحو المشاهد المشرفة والأعتاب المقدسة ، وأخذت معها ذهباً كثيراً ، واصطحبت معها مهندسين ماهرين بارعين.
فلما وصلت الملكة بموكبها إلى كربلاء المقدسة وعزمت على الشروع بتذهيب المنائر ـ إذ قد تمّ إعداد كلّ شيء من قبل ـ واستعد المهندسون والعمال لمباشرة أعمالهم في الصباح الباكر ، وإذا بسادن الروضة العباسية المباركة يرى في نفس