وهذا العنصر يتكرّر في الملحمة وأمثلته كثيرة يطول الحديث بذكرها تفصيلاً.
ثانياً : الزيادة
وأعني بها هنا زيادة عنصر من عناصر التحويل يضاف إلى الجملة الأصل التي سُمّيت بالجملة التوليدية لتحقيق زيادة في المعنى ، هذه الزيادة يعبّر عنها النحاة بالتتمات أو الفضلات ، ويسمّيها البلاغيون « القيد ». لأن كل زيادة في المبنى تؤدي إلى زيادة في المعنى ، فنقول مثلاً « حضر زيد فرحاً » فقد بيّنا حال زيد عند الحضور ، هذا المعنى الجديد حقّقه عنصر الزيادة في الجملة الثانية ، لأنّ الحكم كلّما ازدادت قيوده ازداد إيضاحاً وتخصيصاً.
والقيود في الجملة العربية كثيرة ، منها المفاعيل ، والحال ، والتمييز ، والنواسخ بأنواعها وذلك كاستمرار وحكاية الحال الماضية في « كان » والتوقيت بزمن في « ظل » وأخواتها ، والمقارنة في « كاد » وأخواتها ، والتأكيد في « إنّ » والتشبيه في « كأن » وغير ذلك.
وبالقراءة المتأنية لـ « قوافل النور » نجد فيها مواضع كثيرة جاءت على نسق هذا العنصر من عناصر التحويل لتحقيق أغراض مختلفة زادت في إيضاح المعنى وتخصيصهن ومنها قوله في التأريخ لبدايات الدعوة المباركة :
فكذبوه حسداً وجهلا |
|
وقد سما قولاً به وفعلا (١) |
فجملة « كذبوه حسداً » فيها عنصر زيادة لبيان سبب تكذيب المشركين للرسول الكريم صلىاللهعليهوآله وأن هذا التكذيب لم يأت لسبب عقلي يقبله العقل أو بالمحاججة العقلية ، بل لبيان أنّهم لا يملكون القدرة العلمية على ردّ دعوة الرسول التي جاء بها من السماء ، وإنّما دفعهم الحسد لا غير.
__________________
(١) القوافل ١ / ٣٦.